قضايا و جريمة

لماذا فشل العالم في إيصال المساعدات الإنسانية إلى السودان؟

النيل الإلكترونية:وكالات

ملخص
بينما تكمل الحرب عامها الأول، تتصاعد الحاجة والمآسي الإنسانية في مناطق الحرب بتمددها إلى أن شمل أثرها المباشر كل أقاليم السودان، نتيجة لتدهور الاقتصاد المعتمد على الزراعة أولاً ثم على تنقيب النفط والذهب والصناعة والتصدير والاستيراد والتجارة وغيرها. وبحسب الأمم المتحدة، فإن نصف سكان السودان البالغ عددهم نحو 25 مليوناً يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية.

من ينظر إلى التاريخ الطويل الذي قضاه السودان في تلقي المساعدات الإنسانية خلال عقود من الكوارث الطبيعية والحروب الداخلية والمحيطة، يدرك حجم القيود والمعضلات التي تواجه العمل الإنساني في بلد يكون في أشد الحاجة إلى المساعدات.

وفي هذه الحرب بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان و”قوات الدعم السريع” بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” التي أكملت عاماً كاملاً من دون حل يلوح في الأفق، تتصاعد الحاجة والمآسي الإنسانية في مناطق الحرب بتمددها إلى أن شمل أثرها المباشر كل أقاليم السودان، نتيجة لتدهور الاقتصاد المعتمد على الزراعة أولاً ثم على تنقيب النفط والذهب والصناعة والتصدير والاستيراد والتجارة وغيرها.

وعندما توصف المساعدات الإنسانية بأنها العون المقدم للسكان المدنيين الذين يعانون أزمة حادة، تبرز الحاجة إلى محاولة فهم وتحليل القضايا السياسية والأخلاقية المتعلقة بالعمل الإنساني ومنظمات الإغاثة الدولية في زمن الحرب، وما يحيط به من تحديات في مسرح توزيع هذه المساعدات أو من الجهات المانحة.

وتزداد قضية المساعدات تشابكاً في حال الحرب في السودان لارتباطه بمحيط ملتهب ولطبيعة التغيير بعد ثورة 2018، ثم تطور الأوضاع وتحولها إلى صراع سياسي بين المكونين المدني والعسكري خلال الفترة الانتقالية، ثم إلى صراع عسكري بين المؤسسة العسكرية وشبه العسكرية المزمع دمجها في الجيش، مما يضفي على العملية الإنسانية طابعاً سياسياً وعسكرياً.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، غادر أكثر من 8 ملايين شخص منازلهم، فعبر قرابة مليوني شخص الحدود إلى مصر وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى بحثاً عن الأمن، فيما نزح البقية داخل البلاد، وذكر “أوتشا” أن نصف سكان السودان البالغ عددهم نحو 25 مليوناً يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية، بينما تستهدف المنظمة نحو 15 مليون شخص.

في ما يتعلق بمقدمي المساعدات الإنسانية الرئيسين، فإنه في السودان كما في دول العالم الأخرى يقوم بها موظفو المنظمات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية، أما من يتلقاها فهم النازحون واللاجئون في المعسكرات والمخيمات ومراكز الإيواء. وفي حال السودان، يختلط عند الحدود الفاصلة بينه ودول الجوار اللاجئون منه بالفارين من حروب وكوارث طبيعية أخرى، إذ يقع في منطقة هشة جغرافياً وأمنياً وسياسياً.

اعتراض المساعدات

انتقدت وزارة الخارجية الأميركية القرار الذي اتخذته القوات المسلحة السودانية بحظر المساعدات الإنسانية عبر الحدود من تشاد في فبراير (شباط) الماضي، إذ أفادت بحسب التقارير بأن القوات المسلحة السودانية تعرقل وصول المساعدات إلى المجتمعات المحلية في المناطق التي تسيطر عليها قوات “الدعم السريع”. ودانت في الوقت ذاته نهب قوات “الدعم السريع” المنازل والأسواق ومستودعات المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ومضايقة الجانبين للعاملين في المجال الإنساني وعرقلة إيصال المساعدات المنقذة للحياة.

ودعا المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر القوات المسلحة السودانية وقوات “الدعم السريع” إلى السماح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع أنحاء السودان، قائلاً “نذكّر القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وكذلك التزاماتها في إعلان جدة حماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لتلبية حاجات المدنيين”، وأشاد بـ”الجهود الشجاعة التي تبذلها الجهات الفاعلة الإنسانية، بما في ذلك غرف الاستجابة للطوارئ والمنظمات الشعبية في جميع أنحاء السودان التي تستجيب لحاجات مواطنيها الأكثر ضعفاً بكلفة وأخطار شخصية كبيرة”.

وفي مارس (آذار) الماضي، انتقدت حكومة إقليم دارفور موقف “الدعم السريع” الرافض لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المتأثرين من النزاع العسكري من خلال معبر الولاية الشمالية وعدّته جريمة ضد الإنسانية، وأوضح بيان صادر من حكومة إقليم دارفور أن “إيصال الإغاثة إلى المتضررين هو عمل مرهون بمبدأ حرية وسلامة المنظمات وحماية أفراد الإغاثة، وأن ما أعلنته ’الدعم السريع‘ وما تمارسه على أرض الواقع هو بمثابة جريمة حرب”.

وفي السياق ذاته، اتهمت حركة “جيش تحرير السودان” بقيادة عبدالواحد محمد نور القوات المسلحة برفض السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الضحايا في إقليم دارفور، خصوصاً إلى جبل مرة والمناطق الأخرى المحيطة به التي تسيطر عليها الحركة، حيث يعيش آلاف المواطنين، ولجأ إليها آلاف المدنيين من مختلف مدن وقرى إقليم دارفور وكذلك من مدن وولايات السودان الأخرى.

ودعا نور الأمم المتحدة والوكالات المعنية بالإغاثة الإنسانية والحقوقية والمجتمع الدولي إلى الانتباه للموقف الخطر الذي اتخذته “الدعم السريع” والتصدي لهذا السلوك.

“جريمة حرب”

وكانت قوات “الدعم السريع” اعترضت على مسارات حددها حاكم دارفور مني أركو مناوي لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان الإقليم، واحتجزت شاحنات مساعدات إنسانية تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” كانت في طريقها إلى مدينة الفاشر، وفق ما أكدت الخارجية السودانية، ولكن “الدعم السريع” قالت إنها اعترضت شاحنات تحمل عتاداً حربياً وإن هناك مخططاً لنقل السلاح إلى الجيش في مدينة الفاشر، وهاجمت مناوي واتهمته بالتصرف في الإغاثة وتحويلها لمصلحته الشخصية.

من جانبه، حذر مفوض حقوق الإنسان في جنيف فولكر تورك ضمن تقرير قدمه إلى مجلس حقوق الإنسان في الاجتماع الذي عقد خلال مارس (آذار) الماضي من كارثة إنسانية مأسوية تهدد حياة أكثر من 25 مليون شخص معرضين لخطر الموت بسبب المجاعة الناجمة عن عدم وصول المساعدات الإنسانية إليهم. وقال تورك إن “المنع المتعمد والواضح لوكالات الإغاثة من الوصول الآمن إلى داخل السودان الذي تمزقه الحرب، يمكن أن يرقى إلى ’جريمة حرب‘”.

وأوردت منظمة الأمم المتحدة للزراعة والأغذية (فاو) في تقرير أخير أن إنتاج القمح في السودان خلال عام 2023، وهو المحصول الذي يعتمد عليه المواطنون في وجباتهم الغذائية، إضافة إلى المحاصيل المقرر حصادها في موسم هذا العام، انخفضت بنسبة 20 في المئة عن العام السابق، و46 في المئة عن متوسط السنوات الخمس السابقة، مضيفة أن إنتاج جميع الحبوب تراجع بصورة كبيرة عن معدلات الأعوام الماضية، وتوقع التقرير أن يبلغ إنتاج القمح في السودان بما في ذلك المقرر حصاده هذا العام نحو 380 ألف طن.

حاجة ملحة

تُعد المساعدات الإنسانية إحدى أكثر المساعدات استدامة في السودان بسبب الحاجة الإنسانية الملحة التي تسببت بها أو تفاقمت خلال الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والتصحر والفيضانات وتتزامن في كثير من الأحوال مع التدخلات الدولية.

ولعقود طويلة، ظلت المناطق الأكثر تضرراً وبحاجة مستمرة إلى المساعدات هي جنوب السودان وإقليم دارفور ومنطقة جبال النوبة وبعض المناطق الحدودية مع إريتريا، وأنقذت المساعدات الدولية ملايين الأشخاص من الوفيات بسبب تعرضهم للهجوم الذي يقع على هذه المعسكرات والمخيمات، أو تلك الناجمة عن سوء التغذية والأمراض المرتبطة به التي تحدث في مثل هذه الظروف.

وقال الرئيس السابق لمنظمة “أطباء بلا حدود” ومؤلف كتاب “الحروب الإنسانية… الأكاذيب وغسل الدماغ” روني براومان إن “المساعدات المقدمة لأسباب إنسانية على أنها مساعدة نكران الذات مقدمة للأشخاص في صعوبات خطرة، فمع إنسانيتنا المشتركة وهي رابطنا الوحيد، ومن حيث المبدأ، فإنها تتميز عن أشكال أخرى من المساعدات التي يكون الدافع وراءها الدعم السياسي أو التضامن الإثني. وعلى رغم أن هذا التعريف مقبول عالمياً، فهو لا يأخذ في الاعتبار المعاني المختلفة التي سادت خلال تاريخ المساعدات ولا الارتباك والتناقضات في الاستخدامات الحالية للمصطلح”.

دور حيوي

من جانبه قال عضو لجان مقاومة الخرطوم في حي المعمورة صالح حيدر “مع بداية الحرب تدفقت مواد الإغاثة الإنسانية إلى المدن البعيدة التي أصبحت ملاذاً للفارين من الحرب، وشملت المساعدات المواد الغذائية والطبية وأغراض الإيواء ووصلت من جهات عدة أبرزها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والإمارات العربية المتحدة وقطر والكويت والأردن ومصر والبحرين وتركيا والهند والصين وروسيا، إضافة إلى الصليب الأحمر ومنظمة الصحة الدولية ومنظمة يونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة أطباء بلا حدود وغيرها”.

وأضاف أن “تدفق مواد الإغاثة لم يستمر بسبب التهديد الأمني لأعضاء ومستودعات هذه المنظمات الإنسانية التي تعرضت للنهب، وتوقع السكان ولجان المقاومة وهي الأقرب لعمل هذه المنظمات أن ينهض المجتمع الدولي بمهمة إيصال المساعدات، حتى لو أدى الأمر إلى التهديد بإيقاع عقوبات على أي طرف يعترض مسار هذه المساعدات والتعامل معها كحاجة أمنية”.

وأوضح حيدر أنه “في كل المناطق المتأثرة بالحروب في العالم تتم تلبية الحاجات الحرجة الناجمة عن الحرب، وهي الحاجات العلاجية والوقائية والرعاية الطبية والمساعدات الغذائية وإمدادات المياه وتوفير المأوى من خدمات الإغاثة الأساسية التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة إلى جانب الفرق المحلية، ويتم التعامل معها على أنها طوارئ أمنية، ولو تم ذلك في السودان أيضاً كان بإمكانه القيام بدور حيوي وتخفيف المعاناة التي يتكبدها السودانيون مما عكس قصوراً كبيراً”.

وتابع أن “القصور ليس في مناطق النزاعات فحسب، وإنما في مراكز الإيواء البعيدة من الحرب، كما أن هناك تقارير من دول الجوار تفيد بقصور المنظمات عن مساعدة اللاجئين في الدول المجاورة”.

يقول عبدالله علي النازح برفقة أسرته من ود مدني إلى ولاية القضارف إنهم أقاموا في فندق متواضع في المدينة ليبدأوا رحلة البحث عن منزل للإيجار، وهي مهمة صعبة في ظل كلف الإيجار الباهظة واستغلال السماسرة الذين قاموا بإقناع سكان المدينة بتحويل أقسام من منازلهم إلى إيجارات موقتة، غالبيتها عبارة عن ملاحق لا تحوي الأثاث اللازم وبأسعار مرتفعة”، وأضاف أنه “نسبة إلى نزوح عدد كبير من ود مدني والمدن الأخرى المتأثرة بالحرب، ضعفت فرصة حصولنا على منزل، فانتقلنا من الفندق إلى أحد مراكز الإيواء على أمل الحصول على دعم عيني ومواد غذائية بعدما شحت الأموال بأيدينا، وأدركنا أنها لن تكفينا لشهر آخر”، موضحاً أن “المساعدات ضعيفة وليست منتظمة، كما لا تتوافر الحاجات الأساسية مثل ماء الشرب”.

جدولة المساعدات

وقال المتخصص في دراسات السلام والتنمية محمد أحمد سعد “هناك تقصير كبير في فرض إرادة المجتمع الدولي من الناحية الإنسانية، مما يعطي انطباعاً بأن الحال الإنسانية في السودان وما يعانيه الناس لم يصِل بصورة كافية إلى مراكز اتخاذ القرار”، شارحاً أن “التغطية الإعلامية في البلاد ليست بالقدر الذي كان مرتقباً، فبغض النظر عن توجهات طرفي النزاع وهمهما الأساسي تحقيق كسب سياسي وعسكري للوصول إلى الحكم، فإنه كان يتوقع من المجتمع الدولي أن يفرض وسائله المعروفة في مثل هذه الظروف لإنقاذ السودانيين”.

وأردف أن “عزوف المجتمع الدولي والمانحين عن فرض آلية لإيصال المساعدات ناتج من أن لكل منهم أجنداته الخاصة التي يدافع عنها، إن لم يكن بالتدخل المباشر، فبالصمت عن الانتهاكات والاعتداء على برنامج المساعدات والإغاثة الدولية وموظفيها ومستودعاتها”.

واتهم سعد الإسلاميين بـ”السيطرة على الجيش”، مضيفاً أنه “إذا كانت المقاومة الشعبية مكونة من حركة الإخوان المسلمين، فإن مصدر الأسلحة والطائرات المسيّرة هو إيران التي وجدت مدخلاً خلال الحرب الحالية، معيدة بذلك تعاونها العسكري مع النظام السابق، بينما اعتمدت قوات الدعم السريع على الدعم الروسي الذي تمثل في قوات فاغنر”.

وتابع أن “الدول الغربية تسعى بالتعاون المنظمات الدولية إلى جدولة المساعدات عن طريق المانحين لأسباب منها أولاً حماية أراضيها من طوفان اللاجئين السودانيين الذين سيكونون رقماً صعباً في معادلة اللاجئين الأفارقة إلى أوروبا، وثانياً يتردد أن هناك مخططاً لتفتيت السودان ليكون مستقراً لكثير من أفارقة الصحراء”. وتوقع سعد أن “تستمر المنظمات الدولية في السعي إلى الوفاء بالالتزامات الإنسانية التي لم تكلل بالنجاح طوال العام الماضي، إذا فُرضت ضغوط وعقوبات على طرفي النزاع”.

إجراءات سريعة

واقترحت الولايات المتحدة بواسطة المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد والمبعوث الأميركي إلى السودان توم بيريللو على مجلس الأمن اتخاذ “إجراءات سريعة” لتوصيل المساعدات الإنسانية إلى ملايين السودانيين المهددين بالمجاعة، بما في ذلك إنشاء “آلية عبر الحدود” لهذه الغاية، إذا لم يسمح الجيش السوداني بتوصيل المعونات عبر كل المنافذ الحدودية.

وطالبت غرينفيلد القوات المسلحة السودانية بـ”إعادة فتح كل المعابر الحدودية مع تشاد على الفور وبصورة كاملة لأغراض إنسانية”، مؤكدة أنه “إذا لم يفعلوا ذلك، فيجب على مجلس الأمن أن يتخذ إجراءات سريعة لضمان تسليم وتوزيع المساعدات المنقذة للحياة، بما في ذلك، إذا لزم الأمر، من خلال آلية عبر الحدود”.

هناك فرصة لنجاح هذه الآلية، لا سيما أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن طبقتها من قبل نزولاً عند قرار مجلس الأمن الدولي لتوصيل المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، كما أنها تأتي بالتزامن مع مؤتمر باريس للمانحين في الـ15 من أبريل (نيسان) الجاري ومحادثات السلام المتوقعة بعد انتهاء شهر رمضان في مدينة جدة.

وكانت وكالة السودان للأنباء”سونا” أوردت في مارس الماضي أن الحكومة وافقت على استخدام معبر مدينة الطينة لدخول المساعدات من تشاد إلى مدينة الفاشر، عاصمة إقليم شمال دارفور، وتابعت نقلاً عن بيان لوزارة الخارجية أن استخدام المعبر يأتي إلى جانب مسارات أخرى، بينها “من جمهورية جنوب السودان بواسطة النقل النهري والطريق البري من الرنك إلى كوستي، وكذلك الموافقة على استخدام مطارات الفاشر وكادوقلي والأبيض في حال تعثر الوصول عبر الطرق البرية”.

النيل الإلكترونية

يزدحم الفضاء الالكتروني بالأخبار، وناقليها؛ بجدّها وجديدها.. فما الجديد إذن؟! هي (صحيفة النيل الإلكترونية) وكالة إخبارية مساحتها للكلمة الصادقة، ولا غيرها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى