
تقرير: همام الفاتح
أصدر رئيس مجلس السيادة ـ القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أوّل ركن عبد الفتّاح البرهان، سلسلة من القرارات شملت تشكيل رئاسة هيئة أركان جديدة، إلى جانب ترقيات وإحالات وسط عددٍ من كبار الضبّاط، وذلك في إطار الإجراءات الدوريّة المتَّبعة داخل المؤسّسة العسكريّة لترتيب مواقع القيادة وضخّ دماء جديدة في هرم القوات المسلّحة.
فقد تمّ تعيين الفريق أوّل ركن محمد عثمان الحسين الحسن رئيساً لهيئة الأركان، فيما جاء التشكيل الجديد على النحو الآتي: الفريق الركن مجدي إبراهيم عثمان خليل نائباً لرئيس هيئة الأركان للإمداد، الفريق مهندس د. ركن خالد عابدين محمد أحمد الشامي نائباً لرئيس هيئة الأركان للتدريب، الفريق الركن عبد الخير عبد الله ناصر درجام نائباً لرئيس هيئة الأركان للإدارة، الفريق الركن محمد علي أحمد صبير رئيساً لهيئة الاستخبارات العسكرية، والفريق الركن مالك الطيب خوجلي النيل نائباً لرئيس هيئة الأركان للعمليات.
كما شملت القرارات تعيين الفريق الركن معتصم عباس التوم أحمد مفتشاً عاماً للقوات المسلحة، والفريق طيّار ركن علي عجبنا جمودة محمد قائداً للقوّات الجويّة، والفريق طبيب زكريا إبراهيم محمد أحمد مديراً للإدارة العامة للخدمات الطبية، إضافةً إلى اللواء مهندس ركن عمر سر الختم حسن نصر قائداً لقوات الدفاع الجوي.
وفي السياق ذاته، أصدر القائد العام قرارات بترقية وإحالة عدد من كبار القادة إلى التقاعد بالمعاش، من بينهم: الفريق الركن عباس حسن عباس الداروتي، والفريق الركن عبد المحمود حماد حسين عجمي، والفريق طيّار ركن الطاهر محمد العوض الأمين، وذلك اعتباراً من 17 أغسطس 2025م.
إجراءات روتينيّة وتراتبيّة
ويرى مراقبون عسكريّون أنّ هذه القرارات تُعَدّ إجراءات روتينيّة متعارفاً عليها داخل القوات المسلحة، إذ تُطبَّق سنويّاً وفق مبدأ الإحلال والإبدال، الذي يُعَدّ تقليداً معمولاً به في الجيوش النظاميّة على مستوى العالم، بما يضمن استمراريّة التراتبيّة وضخّ دماء جديدة في المواقع القياديّة العليا.
سير بعض القادة
الفريق أوّل عبد المحمود حمّاد ابن ولاية نهر النيل، خدم في القوات المسلحة لأكثر من ثلاثة عقود متنقِّلاً بين وحداتها المختلفة، وعمل قائداً لسلاح المدفعية بعطبرة، ثمّ مديراً لشركة زارنا، قبل أن يُعيَّن والياً على ولاية نهر النيل. وفي عام 2023 أصبح نائباً لرئيس هيئة الأركان للتدريب، ويُعَدّ من الضبّاط الصامدين داخل القيادة العامة إبّان فترة الحرب، وقدّم للوطن عطاءً مشهوداً.
الفريق نصر الدين عبد الفتّاح قائد سلاح المدرّعات وأحد أبرز أبطال معركة الكرامة،قاد هجمات نوعيّة أذاقت المليشيا المتمرّدة مرارة الهزيمة، وظلّ اسمه محفوراً في ذاكرة الشعب السوداني كرمزٍ للشجاعة والإقدام. وكان يناصب قائد المليشيا المتمرّدة، حميدتي، أشدّ العداء حتى قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل.
الفريق حسن بلال أحد أعمدة الاستخبارات العسكرية. تعرّض لإصابة في الأيام الأولى للحرب أثناء معركة الكرامة. يحظى بتقدير واسع بين الضبّاط وضبّاط الصف لما عُرِف عنه من دماثة الخلق وتفانيه في العمل. تولّى ملفات أمنيّة بالغة الحساسيّة، وأسهم بدورٍ بارز في حماية الدولة من محاولات الاختطاف على يد المليشيا المتمرّدة.
الفريق نادر المنصوري ضابط استخبارات بارع توقّع اندلاع الحرب منذ فجر 15 أبريل، وكان له دور محوري في حماية القائد العام للقوات المسلحة في أصعب اللحظات، وأسهم في رسم ملامح مرحلة جديدة من تاريخ السودان العسكري.
الفريق أوّل طيّار ركن الطاهر محمد العوض الأمين قائد القوات الجوية السابق، الذي لعبت قواته دوراً حاسماً في قلب موازين المعركة ضد المليشيا. امتلك مسيرة حافلة بالإنجازات، إذ خدم في مناطق عمليات متعددة داخل السودان، وتقلّد مناصب قيادية بارزة في القواعد الجوية، وكلية علوم الطيران، وفرعي التدريب والعمليات. نال وسام الجمهورية ووسام الجدارة ووسام الشجاعة، إلى جانب عدد كبير من الأوسمة والنياشين تقديراً لخدمته الطويلة المتميّزة.
متانة المؤسسة العسكرية
الخبير العسكري العميد جمال الشهيد أكّد أنّ قرارات الإحالة والترقيات تأتي في سياق التراتبيّة الطبيعيّة للقوات المسلحة، حيث تتعاقب دفعات الضبّاط وصولاً إلى القيادة العليا، وأشار إلى أنّ الدفعة (31) التي تضمّ الفريق أوّل ركن عبد الفتّاح البرهان والفريق أوّل محمد عثمان الحسين تمثّل حالياً قمة الهرم العسكري.
وأوضح الشهيد أنّ مواقع التواصل الاجتماعي شهدت تفاعلاً واسعاً مع هذه القرارات، لا سيّما مع الأسماء التي ارتبطت ببطولات في معركة الكرامة مثل اللواء د. نصر الدين عبد الفتّاح، اللواء حسن بلال، اللواء إبراهيم كبشور، واللواء د. محمد عبد الله قائد الاستراتيجية، والذين عُرِفوا جميعاً بالصمود والثبات في مواجهة المليشيا المتمرّدة.
وأضاف محدثي لـ”النيل الالكترونية”،أنّ استمرار العمل بالإجراءات الإدارية والتراتبيّة حتّى في ظلّ الحرب، يؤكّد متانة المؤسّسة العسكريّة وقدرتها على الحفاظ على انتظامها الداخلي، وهو ما يُعَدّ سمةً مميّزة للجيوش المحترفة.
واختتم حديثه قائلاً: «القوات المسلحة ماضية بخططها الميدانيّة، خصوصاً في الفاشر حيث تدور معارك ضارية. ورغم التحدّيات، فإنّ الشعب يقف صفّاً واحداً خلف جيشه، بشعار صار ديدن كل السودان: شعب واحد… جيش واحد».