عمار العركى يكتب..الجيش والبرهان : كل الممكن وبعض المستحيل
لم يشهد تاريخ المنطقة أن تم إختراق ومصادرة إرادة و قرارات دولة كالدولة السُودانية.
اربعة سنوات من التغيير الذى طال كل شيء ، حتى الثوابت الوطنية والقيم الأخلاقية والمبادئ الدينية ،التى ظلت راسخة وضاربة فى الجذور تأثرت وتضعضت ، ليسهل اجراء عملية إحلال الوصاية والسيطرة الأجنبية محل السيادة والارادة الوطنية
اربعة سنوات ، أجهزت خلالها المخابرات الاقليمية و الدولية على كل مؤسسات الدولة السودانية وعلى كل ما هو “وطني سوداني” وأحالته الى ” عميل أجنبى” إلا من رحم ربى و قوات الشعب المسلحة دون الأجهزة النظامية الأخرى، التي لم تنجو من عبث العابثين وتأمر المتأمرين*
اصبح (الجيش وقائده) يقاتلوا في كل الجبهات الداخلية والإقليمية والدولية من اجل مقاومة مخطط تفكيك المؤسسة العسكرية بسيناريو الهيكلة والدمج ، تزامناً مع القيام بالواجب الدفاعي ، في ذات الوقت الإضطلاع بواجبات المؤسسات السيادية والخدمية التي اما أُخترقت ، إما حُلت ً أو شُلت حركتها وفاعليتها.
اربعة سنوات ظل الجيش وقيادته يقومون مقام المؤسسات تلك ، بتسيير إلتزامات الخدمية منها، وأعباء وواجبات السيادية منها، في ذات الوقت القيام بواجب الدفاع عن النفس بمجابهة معركة التفكيك والتي من أجلها اتحدت كل الجبهات المعادية و المخابرات المضادة والدول الداعية لتدمير وتقسيم السودان في كيان واحد تحت غطاء “بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)”، وإتخذت من الخرطوم جوار قيادة الجيش مقراً لها بدعوة قميئة من رئيس حكومة الثورة والتغيير والانتقال عبد الله حمدوك ، عراب ومؤسس مشروع (تمكين الأجنبي والتغول لتحقيق التحول).
اربعة سنوات، البرهان ومن خلفه قوات الشعب المسلحة أفشلوا- ولا زالوا – كل المخططات و السيناريوهات بدءاٌ من مخطط الثورة المزعومة وسيناريو خنجر الإعتصام في خاصرة القيادة ، ثم مخطط الوثيقة الدستورية وسيناريو ارتهان السيادة ، مخطط الإتفاق الإطاري وسيناريو استقطاب اكبر فصيل و وحدة استراتيجية تابعة للجيش ( قوات الدعم السريع ) ، وصولاً لمخطط الحرب الحالية وسيناريو جدة .
كلمة حق يجب أن تقال في حق البرهان والجيش لكل ذو بصر وبصيرة ، كل من تتبع مجريات الأمور ، تسيير دولاب الدولة وإدارة الأزمة داخلياً وخارجياً ، والإستراتيجية العسكرية المتبعة في إدارة حرب فريدة من نوعها وغير مسبوقة في تاريخ الحروب فنجد أن قوات الشعب المسلحة وقائدها العام ( فعلت كل الممكن وبعض المستحيل ) ، وعبرت بالبلاد من كل المزالق وأفشلت كل السيناريوهات التي أعيد انتاجها خصيصاً لتدمير السُودان.*
للوم والنقد الموجه “للبرهان” غير منصف وغير موضوعي ، كونه لم يستدعي آداء الرجل حين مزالق ومنعطفات السنوات الأربعة وكيفية قيادته للسفينة وبمحرك واحد في ظل كل تلك العواصف والتيارات العالية حتى وصل بها إلى بر الأمان ، ولحظة وصول اليابسة يُفاجأ البرهان بغدر وخيانة وتمرد ومحاولة قتله غيلة ، فكان لزاماً عليه وقبل أن يلتقط أنفاسه من رهق وارهاق وإفشال المخططات السابقة ، أن يستعد لمواجهة ومجابهة سناريو غادر ومفاجيء ، المنطق والتوقعات والمقارنات كانت تذهب ناحية تحققه ونجاحه وإستحالة إفشاله ، ولكن القوات المسلحة وقائدها كان لهم رأي آخر في تحقيق المستحيل بإفشاله.*
خلاصة القول ومنتهاه:
الوضع فى الميدان يشير الى نهاية المعركة العسكرية رغم تأمر بعض الجوار والإمداد ، والوضع فى جدة يشير الي نهاية المعركة السياسية رغم تلاحم دول الأطماع والعملاء والإتحاد الإفريقى والإيقاد .*
بكل السلبيات والنواقص الموجهة – وإن وُجدت – فقوات الشعب المسلحة (الجيش) بكل المقاييس والمعايير الواقعية والمنطقية أصبحت خط الدفاع الأخير والمؤسسة السُودانية الوحيدة التى تقاوم وتواجه التدخل الأجنبى والغزو الرامى لتدمير وتقسيم السُودان ،. وبالتالى أصبحت آخر عقبة وحائل أمام تنفيذ وتحقيق العدو لهدفه ومبتغاه .
العدو وصل لقناعة تامة بأن سبب هزائمه وفشله رغم الفارق والإمكانات ، (هو تماسك الجبهة الداخلية ووحدة الشعب وتلاحمه مع قواته ) فها هو يعمل على ازالة هذا المانع وزعزعة الثقة بين الجيش والشعب ، وزرع الفتنة داخل الحيش بكل الوسائل وما أوتي من قوة ، فعلى الشعب أن يعي ويوعى، وآلا يكون الثغرة التى يحدثها العدو فى جدار حصين لمعركة كرامة ووجود.