العلاقات الثلاثية بين أمريكا وروسيا والسودان
حذر السفير الأمريكي لدى الخرطوم جون غودفري، الحكومة السودانية من التداعيات في حال سمحت بإقامة منشأة عسكرية روسية على البحر الأحمر. وقال غودفري، في مقابلة مع صحيفة التيار: (تابعنا تقارير إخبارية تكشف عن سعي روسيا إلى تنفيذ إتفاقية سابقة مع الرئيس السابق عمر البشير في عام 2017م لإقامة منشأة بحرية في بورتسودان).
وهدد غودفري بأنه إذا قررت حكومة السودان المضي قدماً في إقامة هذه المنشأة أو إعادة التفاوض حولها سيكون ذلك ضاراً بمصالح السودان. وأوضح أن من شأن ذلك أن يؤدي إلى مزيد من عزلة السودان، في وقت يريد معظم السودانيين أن يصبحوا أكثر قرباً من المجتمع الدولي. وأضاف أن جميع البلدان تتمتع بحق سيادي في إختيار البلدان الأخرى التي تنشئ شراكات معها، ولكن هذه الخيارات لها عواقب.
ويبدو أن لقاء رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وتأكيدهما على عمق العلاقات بين الخرطوم وموسكو، أثار قلق واشنطن من وجود تقارب أكثر بين السودان وروسيا، خاصة بعد تأكيد البرهان في لقاء مع رويترز بأن موضوع القاعدة الروسية على البحر الأحمر لا يزال قيد المناقشة وأن البلدين تربطهما علاقات طبيعية.
من جانبها قالت الباحثة والمهتمة بالشؤون الدولية رفيدة الشيخ أن السودان دولة ذات سيادة، ويرفض الإملاءات والشروط وفرض الوصاية وتحديد علاقاته الدولية والإقليمية. مشيرة إلى أن أمريكا تسعى لإحتواء السودان وتكبيله بالتهديد بالعقوبات والعزلة التي تم تجريبها معه لأكثر من 30 عاماً لكنها فشلت. وقالت رفيدة: (الآن وبعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تغيرت موازين القوى وإكتشفت شعوب العالم الخدعة الأمريكية. وأعتقد أن الخرطوم لن ترضخ للضغوط الأمريكية بعد أن إنكشف المستور وظهرت قوة واشنطن الحقيقية وتنصلها من إلتزاماتها تجاه حلفائها كما حدث في أوكرانيا وأفغانستان).
وأكدت رفيدة أن التدخل وعدم الإحترام للسيادة السودانية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية مستمر منذ فترة طويلة. وأشارت رفيدة إلى البيان الصادر قبل أشهر عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، والذي شارك في صياغته رئيسا لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والشؤون الخارجية بمجلس النواب وكبار الجمهوريين في اللجنتين، والمندوبان الأميركيان جريجوري ميكس ومايكل ماكول، وطالبوا فيه قادة المكون العسكري بالعودة إلى الثكنات وتسليم السلطة للمكون المدني. مؤكدة أن هذا يعتبر تدخلا غير مقبول وينتهك السيادة الوطنية عبر فرض الشروط والإملاءات.
وتساءل خبراء ومحللون سياسيون عن سر التخوف الأمريكي من القاعدة الروسية، رغم أنهم يملأون بلدان العالم وأفريقيا بالقواعد الأمريكية، ومن الممكن أن يصادق السودان لروسيا والصين وأمريكا بقواعد، إن وافقت تلك الدول على شروطه. وقال الخبراء أن أنانية واشنطن ونظرتها الإستعلائية لبقية الدول وشعوب العالم تجعلها تنصب نفسها بوليساً على البقية، وتفرض عليهم رأيها في علاقاتهم وحياتهم وإختياراتهم وحكوماتهم وإقتصادهم ضاربة بمسميات الحرية والسيادة الوطنية عرض الحائط.
وقال الخبراء أن تصريحات السفير الأمريكي تعتبر تدخلاً سافراً في شؤون السودان الداخية، وإنتهج ذات السياسة الأمريكية التي تقوم على التهديد والوعيد، ثم الترغيب عبر الإستثمار الأمريكي، وتحسين أوضاع الشعوب وتقديم الدعم الزائف، حتى يتم إخضاع الحكومات تماماً وتنويمها لإتخاذ قرارات لا تخدم الشعوب المستضعفة بأية حال من الأحوال، لكنها بالتأكيد تملأ خزائن أمريكا التي لا تشبع فيزداد جشعها وأطماعها فتبحث عن المزيد.