سفير السودان بالبرازيل يدعو الشركات البرازيلية لإعادة إعمار السودان
السودان يدعو الشركات البرازيلية لإعادة الإعمار
النيل الإلكترونية:متابعات
في مقال أرسله إلى وكالة الأنباء البرازيلية، قدم السفير أحمد سوار، القائم بأعمال السفارة السودانية في برازيليا، لمحة عامة عن تاريخ بلاده الذي أدى إلى تطوير أنشطتها الاقتصادية الحالية، ودعا المستثمرين البرازيليين لدخول السوق السودانية.
السفير أحمد سوار هو القائم بالأعمال في السفارة السودانية في برازيليا
نشأت حضارات قديمة في السودان، وأكبرها الحضارة الأفروسودانية في كوش، التي ازدهرت من 300 قبل الميلاد إلى 300 بعد الميلاد. ثم تبع ذلك الحضارات المسيحية في كرمة ومروي والحضارات الإسلامية في سنار ودارفور، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الموقع الجيوسياسي للبلاد. ولعب نهر النيل العظيم دورًا حاسمًا في ازدهار هذه الحضارات، إلى جانب موارده الوفيرة، وخاصة الذهب، الذي ظل الهدف الأساسي لجميع الغزاة الطموحين والجاذبية الرئيسية للمستعمرين. كان محمد علي باشا يهدف إلى غزو السودان في عام 1821 للحصول على الذهب من جبال بني شنقول في منطقة النيل الأزرق، وكان البشر أنفسهم يعتبرون موارد قيمة بسبب مهاراتهم ومواهبهم.
سرعان ما أصبح السودان مركزًا للتجارة بين شمال إفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، موجهًا التجارة شمالاً نحو مصر والحجاز. تتميز البلاد بمساحات شاسعة وسهول في الوسط والغرب، مما يوفر أرضًا خصبة لتربية الماشية، حيث تبنى غالبية السكان الرعي. أدى هذا إلى أعداد قياسية من الماشية، تجاوزت 200 مليون رأس تعتمد على المراعي الطبيعية. كما تستفيد البلاد من الظروف المناخية التي تصب في صالح الزراعة. لقد أقامت السلطات البريطانية التي استعمرت السودان قبل قرن ونصف من الزمان أهم مشروع زراعي لإنتاج القطن، حيث غطى مساحة مليون فدان بنظام ري مبسط، كما طورت شبكة من الطرق والسكك الحديدية لنقل القطن، مما أشعل ثورة صناعية وعالمية هائلة.
ومنذ اكتشاف النفط في أواخر سبعينيات القرن العشرين بواسطة شركة شيفرون الأميركية في جنوب وغرب البلاد، اشتد نفوذ الولايات المتحدة ومنافستها مع الغرب والصين ـ التي كانت منخرطة بالفعل في إنتاج النفط وبنت أطول خط نقل بطول 1600 كيلومتر ـ. وقد أعقب ذلك تمكن اتحاد الصين وماليزيا وكندا والهند من تشغيل وإنتاج النفط. ونتيجة لذلك تصاعدت الصراعات الداخلية في السودان بين الجنوب والشمال، مما دفع الجنوب إلى اختيار الانفصال عن الشمال في عام 2011 بعد اتفاق السلام الذي تم توقيعه في نيفاشا بكينيا في عام 2005.
ومع ذلك، فإن موارد السودان غير النفطية يمكن أن تساهم في مكانته الاقتصادية، فهو أكبر دولة أفريقية من حيث الأراضي الصالحة للزراعة، وتعترف به منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) كسلة خبز العالم. ويمكن للسودان أن يعمل كحاضنة للاستثمارات الزراعية في المنطقة بسبب توفر المناخات المناسبة لإنتاج معظم الحبوب، وخاصة القمح والبذور الزيتية، بالإضافة إلى إنتاج الثروة الحيوانية. ويمكن للسودان أن يمثل إضافة جديدة في مجال الطاقة المتجددة بإنتاجه الزراعي، والذي يمكن أن يضيف قيمة إلى إنتاج الوقود الحيوي الذي يساعد في تقليل الانبعاثات الحرارية ويشكل طاقة نظيفة في القطاع الصناعي. وللسودان خبرة كبيرة في إنتاج السكر والإيثانول، مع تعاون جيد مع أصدقائه في البرازيل.
إن الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش الوطني في السودان تمثل نوراً في نهاية نفق مظلم، ووعداً عظيماً بدأ يتحقق، مما يجعلنا متفائلين بمستقبل مشرق لهذا البلد. لقد عانى شعبه كثيراً، ولكن مثل الذهب، أصبح أكثر إشراقاً وقوة من خلال هذه المحن والشدائد.
إن مرحلة إعادة بناء البنية التحتية للبلاد – الجسور والطرق والمصانع والقطارات والأسواق – تتطلب تحركاً سريعاً. لذا فإننا ندعو المستثمرين البرازيليين لتأمين أماكنهم والاستفادة من معرفتهم وقدراتهم لدخول هذه السوق الواعدة. كما يتطلع السودان إلى الاستفادة من الخبرة البرازيلية في التكنولوجيا الزراعية، وإنتاج الثروة الحيوانية، ونمو المسالخ، وإنتاج الحبوب.
كما يقدر السودان أن تجربة البرازيل تتمتع بمزايا نسبية عالية تتوافق مع خصائص الاقتصاد السوداني. وقد تم إزالة أهم العقبات المتعلقة بالتجارة بعد أن أنهت الولايات المتحدة عقوباتها غير العادلة على السودان، وخاصة فيما يتعلق بالمعاملات النقدية بين البنوك. لذلك، نأمل في تعزيز معدلات الاتصال بين البلدين في قطاعات أخرى في المستقبل.