إمام محمد امام..بحصافة مستشفى الرازي.. إضافة نوعية مهمة في توطين العلاج وتصديره
أجرت حكومة الإنقاذ قبل أكثر من عشرين عاماً، سلسة من الأبحاث والدراسات في مجالات التوسع الإسكاني، وتشييد المدن والأحياء الجديدة في ولاية الخرطوم، بمدنها الثلاث (الخرطوم – الخرطوم بحري – أم درمان). ومن المهم في هذه العُجالة، أن أستعرض بشئٍ من الإيجاز ما خلصت إليه بعض تلكم الأبحاث والدراسات من نتائج حول أكثر المناطق الملائمة للتوسع المنشود في مدينة الخرطوم تحديداً. فقد أشارت تلكم الأبحاث والدراسات الإسكانية إلى أن المستقبل الواعد لأحياء الخرطوم سيكون في جنوبها، ولذلك كان التوسع الأبرز في مدينة الخرطوم تجاه الجنوب. ومع هذا التوسع شهدت منطقة جنوب الخرطوم تشييد المزيد من المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات. وكذلك تطاول بعض الناس في البُنيان فيها، وحُظيت بما لم تُحظَ به مناطق خرطومية أخرى، إذ شُيدت فيها أكبر الجامعات والكليات الخاصة، وترافق مع إنشائها، تشييد المستشفيات التعليمية الجامعية الخاصة، على أحدث طرازٍ معماريٍ، ومجهزة بمعداتٍ طبيةٍ حديثةٍ.
ومما لا ريب فيه. أن فائدتها لن تقتصر على تدريب طلابها من الكليات الطبية، تدريباً عملياً تطبيقياً، بل من المنظور أن يكون أكثر المستفيدين منها سكان المنطقة، ضمن إنفاذ تلكم الجامعات والكليات الخاصة لبرامجها المتعلقة بالمسؤولية المجتمعية التي تعتبرها الضلع الثالث في أضلاع العملية التعليمية الجامعية الثلاثة (التدريس والبحث العلمي والمسؤولية المجتمعية).
أحسبُ أنه كان من الضروري في تقدمة هذه العُجالة، الإشارة إلى موقع مستشفى الرازي التعليمي التابع لجامعة الرازي، قبل بسط القول، في حفل الافتتاح الذي شهدناه أمس (الأحد 22 مايو (أيار) 2022).
وقد قص شريط الافتتاح الأخ الدكتور عصمت مصطفى يُوسُف وزير الصحة الاتحادي المكلف، وشرف حضور الافتتاح الأخ الدكتور محمود القائم وزير الصحة بولاية الخرطوم، وعدد من المسؤولين في وزارتيّ الصحة الاتحادية والولائية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ثم بدأ التطواف على مباني المستشفى الجديد وأقسامه المختلفة،
ولقد بُهر الأخ الدكتور عصمت مصطفى والأخ الدكتور ومحمود القائم مما شاهداه من جمال مبانٍ، وحداثة أجهزةٍ ومعداتٍ طبيةٍ عالية التقنية، إضافة إلى مصنعٍ لانتاج الأُكسجين، وقاعة ذكيةٍ من خلالها يُمكن للمستشفى التواصل إلكترونياً مع أي مستشفىً أو مؤسسةٍ طبيةٍ في العالم. وأبديا إعجابهما بغرف العمليات الأربع الواسعات، وكثرة أسرة العناية المكثفة والعناية الوسيطة، والعنابر العامة. وتحدث الوزيران مع الدكتور أحمد عثمان رزق رئيس مجلس الإدارة عن أهمية إبرام اتفاقيات التعاون مع وزارتيّ الصحة الاتحادية والولائية، للاستفادة من هذه الإمكانات الهائلة. وأبدى الدكتور رزق استعداده للتعاون مع المؤسسات الصحية والطبية. ودعا الدكتور عصمت مصطفى إلى ضرورة المحافظة على جمال المستشفى وبهائه، ليظل في رونقه هذا، سنين عدداً.
وقدم البروفسور محمد أحمد خوجلي مدير عام مستشفى الرازي شرحاً وافياً عن المستشفى وأقسامه، موضحاً أن المستشفى يضم 159 سريراً، و56 سريراً للإقامة القصيرة، و103 للتنويم الداخلي، مشيراً إلى أن المستشفى يقوم بصناعة الأُكسجين مركزياً ليُغذي غرف العمليات كافة، موضحاً أن مستشفى الرازي التعليمي بُني على أحدث طرازٍ، ويضم قسم القسطرة القلبية، وقسم مناظير ورنين مغناطيسي، وجهاز موجات فوق الصوتية للتشخيص الدقيق.
وجاء إلى حفل الافتتاح، قُبيل بدء مراسم المخاطبات، الأخ أحمد آدم بخيت وزير التنمية الاجتماعية الاتحادي، حيثُ أكد في كلمته أن توطين العلاج بالداخل أُمنية تعمل الدولة على تحقيقها بكل الجهود، موضحاً أن تكلفة العلاج بالخارج يذهب 70% منها للإجراءات اللوجستية، من تذاكر سفرٍ وغيرها، بينما 30% هي التكلفة الحقيقية للعلاج.
ويتضح جلياً من تكلفة العلاج في الخارج، أنه بتوطين العلاج في الداخل يُمكن تخفيض قيمة العلاج، تخفيضاً كبيراً، ويُخفف عن المريض وأهليه، الرهق المالي!
وفي رأيي الخاص، أن مستشفى الرازي في جنوب الخرطوم الذي أُفتتح أمس (الأحد) يستمد اسمه من جامعة الرازي التي تسمت بهذا الاسم تخليداً لذكرى أبي الطيب أبي بكر يحي زكريا الرازي الفيلسوف والنطاسي البارع والمتعدد المعارف والعلوم والذي لم ينكر فضل علمه ومعارفه المسلمون والفرنجة.
أخلص إلى أن مستشفى الرازي، يُعد نقلة نوعية في المشافي والطبابة في السودان. وأحسبه إضافة نوعية مهمة في سعينا الحثيث إلى توطين العلاج بالداخل وتصديره إلى دول الجوار الأفريقي.
ومن نافلة القول، الحديث عن هذا المستشفى بكل هذه الإمكانات، لن يحصر جهده في تدريب الطلاب، وإن كان ذلكم المستهدف الأول، فحسب، بل سيعمل على التواصل وتبادل الخبرات والتجارب في المجالات الطبية مع كل دول العالم، من خلال القاعة الذكية. وسيسعى جاهداً إلى توطين العلاج بالداخل، وتصديره إلى الخارج.
وفي إطار سياسات المستشفى المتعلقة بتوطين العلاج من الداخل، وتصديره إلى الخارج، أبرمت المستشفى العديد من إتفاقيات التعاون مع المؤسسات الصحية والطبية في بعض دول العالم، منها ألمانيا والصين وتركيا. وهكذا أُضيف مستشفىً تعليمياً متميزاً إلى مستشفيات السودان.