على عسكوري يكتب..مأساة مدينة ابوحمد.لم يعد الصمت ممكنا
ضربت سيول جارفة وامطار غزيرة مدينة ابوحمد قبل يومين و دمرتها تماما وشردت اهلها وفقد حوالى ١٧ شخص حياتهم ولا زال الحصر مستمر للاصابات المختلفة والخسائر المادية.
قبل عامين ضربت سيول وامطار شبيه بهذه مناطق كدباس و المكيلاب والقري حولها بالقرب من بربر ودمرتها ولا زال غالب اهلها يعانون ويكابدون لبناء حياتهم من جديد.
ذات الامر يحدث في مناطق وقري عديدة في الولاية الشمالية
ظلت مدينة بورتسودان تعاني من ندرة الماء والكهرباء لاعوام طويلة ولا مجيب.
الرابط بين كل هذه المناطق هو انها اكثر مناطق السودان انتاجا للذهب، لكنها تظل من افقر المناطق وتنعدم فيها ابسط الخدمات الضرورية.
لم يعد الصمت ممكنا على ما يحدث، فلا يستقيم عقلا ان تكون منطقة او مناطق تنتج عشرات الاطنان من الذهب كل عام ورغم ذلك تنعدم فيها الخدمات الضرورية..! الاسوء من ذلك ان المسؤولين بهذه المناطق يجدون انفسهم مضطرين لطلب الإغاثة علنا من الخيرين..! صدق من قال:
كالعيس في البيداء يقتلها الظماء
والماء فوق ظهورها محمول
السؤال البسيط: ما فائدة ان تكون منطقتك منتجة للذهب ولكنك عندما تذهب للمستشفي لا تجد حتى الاسبرين او مضاد للسم او ابسط المضادات الحيوية لنزلات البرد عند الاطفال، دعك من اجهزة حديثة للعناية بصحة المواطنين..؟
تنهب موارد هذه المناطق علنا ويترك اهلها عرضة لنوازل الطبيعة، بلا ميزانية للكوارث او الخدمات فلا يجد اهلها غير اللجوء الى الخيرين او طلب الاغاثة من المنظمات! يحدث هذا العار وارضهم مكتنزة ذهبا، رغم ذلك يضطرون لاراقة ماء وجوههم يلحفون في السؤال ليدركهم الخيرون بما يمكن ان يجودون به!
كتبت مرارا ان قسمة الموارد الحالية في بلادنا ظالمة ومعيبة تهدر حقوق الولايات والمحليات بصورة صادمة ويجب تغييرها.
ناديت مرارا بأن تكون الموارد ملك للولايات تديرها مع المحليات، ويكون للحكومة الاتحادية فيها نصيب معلوم. هذا وحده ما يوفر للولايات ميزانيات احتياطية تواجه بها كوارث الطبيعة وغيرها من الاوبئة والنازلات.
من حلفا حتى شندى لا يوجد مستشفي مؤهلا و نفس الامر في ولاية البحر الاحمر . يسافر سكان هذه الولايات الى مصر والهند وغيرها طلبا للعلاج. خدمات الصحة والتعليم في الحضيض، يصدم الانسان عندما يذهب الى المستشفي وتخشي الاسر على اطفالها من سقوط سقوف او حيطان المدارس على اطفالها، أصبحت المدارس والمستشفيات اقرب لمكب النفايات، والذهب ينتج وينهب ويهرب ولا احد يعرف أين يذهب عائده..!
يغرق اهلنا في ابوحمد واطنان الذهب تخرج من ارضهم وعليهم الآن ان يتسولوا قوتهم وان يبحثوا عن خيرين يساعدونهم لتجاوز الكارثة!
دون شك لقد حان الوقت لوقف ما يحدث من نهب للموارد في هذه الولايات وافقار سكانها، وطالما عجزت الدولة عن النهوض بدورها وتحقيق العدالة وتوفير الخدمات، فالكرة الان في ملعب مواطني هذه الولايات وعليهم وقف نهب مواردهم حتى يتمكنوا من توفير احتياطى مالى يلجأون اليه في حالة الكوارث ويتوقفوا عن اراقة ماء الوجه واستجداء الخيرين..!
الى متى نصمت عن نهب مواردنا ونلجاء للاستجداء و(الشحدة) ومواردنا تنهب ضحي!
وان كانت الدولة مصرة على هذا الوضع فعلينا التفكير في بدائل توفر لنا عيش كريم فما في ارضنا يكفي ويزيد!
هذه الارض لنا