اميمه عبد الله تكتب..من ياتو ناحية
تحية الوفاء والتقدير والإمتنان والسلام الوطني لجيشنا و ضباط الصف والجنود والعساكر الرابطين على قلوبهم وبطونهم المرابطين خلف بنادقهم في خنادق القتال المفارقين لأهليهم و أولادهم عامُ و أكثر
إلى قادة القوات المشتركة وضباط الصف والعساكر ، تحية وفاء وتقدير وأنتم لا تفرقون بين شهداءكم و شهداء قوات الشعب المسلحة فكلهم عندكم سواء
إلى المستنفرين و المجاهدين الحاملين أرواحهم على راحة أيديهم مع بنادقهم و ذخيرتهم لا ينتظرون شكرا ولا جزاءاً دنيوي ولا إشادة
إلى زملاء محمد صديق و رفقائه.
لقد أشعلتم المشاعر والقلوب و الحماس و الغضب و أنتم تحاربون الآن على مداخل المدن و في الساحات و الضهاري والقرى و الخرطوم المنكوبة وام درمان العريقة، من اجل إستعادة الشرف الوطني المستباح ، حرب كرامة الأرض و العرض و الدم
إن مصير هذه البلاد الآن و مستقبلها بين أيديكم وحدكم ، و إنها لأمانة ثقيلة بحجم وطنٍ تقاتلون لئلا تتهاوى مبادئه و أعرافه و تقاليده المتوارثة كما النجوم منتهية الصلاحية ، حربُ ثقيلة بغضبها المشتعل في قلوبكم ، وإنتهاكات العدو التي ما حدث مثلها في التاريخ الحديث ، ليست مبعث الغضب أن الحرب استعرت حين غرة بل لأن عدونا كان يقوى و يشتد في كل لحظة بين ظهرانينا وأمام أعيننا جميعا، إنكم تقاتلون لكي يبقى الوطن ولا تحمله ريح التشتت و الإنقسام
يا أيها الضباط وضباط الصف والجنود ، والمقاتلين و نسور الجو حماة فضاءنا ، لا صوت الآن غير صوتكم و لا كلمة أعلى شأناً غير حق الوطن ، فالأوطان لا تُفاضل و لا يُفاوض حولها.
إننا لا نغرق بسقوطنا في الماء ، بل ببقائنا فيه.
ونحن بكم بعون الله لن نبقى أكثر من ذلك .
هل تعرفون أنكم الآن تكتبون التاريخ ، و أن معركة الوطن هذه ستكون منهجاً و مقرراً دراسياً لأحفادنا و أبنائهم من بعدهم ، و أن أبناءكم سيشيرون عليكم في فخرٍ أنكم أباءهم حاربتم الغزاة المجرمين القادمين من البعيد ليمرغوا جبهة البلاد في وحل الخراب.
أيها الجنود المرابطون من أجل ألا نُهان وسط الشعوب ولا تسقط رايتنا، و لا يًنكس علمنا، أنتم النصر و الباقون كالختم البارز على بوابة الوطن
لتعرفوا أن إنتصاراتكم لها طعم الكعك المسكر في كلامنا ، وأن عباراتكم خالدة باقية على لوحة الشرف الوطني و أننا سنتناقلها عبر الأجيال و الأزمان.
من ياتو ناحية ، قالها و هو يعلم يقيناً أنه سيتلقى في اي لحظة رصاصة الغدر و لم ينتظر طويلا ، فقد تلقاها سريعا ، واقفا ، شامخا شموخ أجداده ، فالشجاعة أيضا تتوارث ، قالها و لم يكن يقصد السؤال في ذاته بل إستهتاراً و إستهزاءً بهم و بسؤالهم ، هو يعلم يقينا أنهم لا يستحقون الإجابة .
من السهل جداً أن يعيش المرء لذاته و أن يحقق رغباته و أن يتبع غرائزه و يشبع شهواته لكن من الصعب فعلاً أن يعيش المرء من أجل الآخرين و ضد رغباته و غرائزه ، الحالة الأولى تتطلّب أقل من إنسان ووحدها الحالة الثانية تتطلّب إنساناً كما يقول علي عزت بيجوفيتش.
الآن يمكن أن نعرف لماذا يصفعون الأسرى لأنهم لا يحتملون إنسانيتهم فيحققون رغبتهم الآنية بصفعهم و تصفيتهم إنهم لا يحتملون الشرف.
لا حياد في قضايا الوطن كما أنه لا حياد فيما يتعلق بإنتهاك الكرامة الإنسانية ، إن ما نعيشه الآن هو محنة حقيقية واضحة معالمها لكن خيرُ لنا أن نعيشها الآن على أن نأجلها حتى تبتلعنا.
إننا شعب ذو تاريخ طويل و أمجاد قديمة و مواقف وطنية ، بيد أننا نعيدها الآن بكم و بجيش أتوقع أن يصير يوما ما من أقوى الجيوش الإفريقية ، فالمحنة لا محال تخلّف المجد و الصمود والبأس
و آخر العبارات التي تُقال والموت يقف على رأسك تبقى وتُخلد، تلك هي بالضبط
من ياتو ناحية
العبارة التي قربت المسافات القريبة أصلا بين القوات المسلحة والقوات المشتركة فتشاركوا غضب الصفعة و فخر صمود محمد صديق .
العبارة الأيقونة الباقية المؤغلة في الوطنية ، فختام الحياة لا يأتي من فراغ و إنما من سلسلة متصلة من المواقف الشجاعة والصادقة ، فيكون الختام خالدٌ فينا
إن الشعب السوداني الاصيل المشتت في المنافي و البقاع كله ينتظركم و ينتظر بشرياتكم ليعود إلى بلاده ، ينتظر هلالكم يا أيها الجنود فلا تلتفتوا للأصوات المخذلة الضعيفة ولا إلى طاولات المفاوضات ولا مهادنة السياسين ، ولا تظنون أن أسفارهم ستعيد لنا الوطن والكرامة ، العين عليكم و الأمل فيكم و المرجو منكم غير مرجو من غيركم.
ولأن البلدان العظيمة لابد لها من جيش وطني قوي ، و القوة بين الدول تُقاس بقوة جيوشها