علي يوسف تبيدي يكتب..ام درمان مدينة من طعم مختلف
نكهة المولد النبوي الشريف لها طعم مختلف وبريق خاطف ومعاني رصينة.. كم يكون رائعا عندما تخف حواري ام درمان العريقة على صيحات الصبية وهم يبثون انغام الفرح التي تتجاوب مع جلالات رجال الزفة بملابسهم الجميلة.. والوانهم الزاهية التي تنعكس في ملابسهم.
ام درمان عبق التاريخ التليد بالحواري القديمة التي شهدت صنائع رجالهم في مجالات الفن بأنواعه والرياضة بمختلف ضروبها بل الأدب والثقافة الذي ظل يانعا ومزدهرا في الهاشماب وابوروف.
فالسياسة تمثل معلما بارزاً في المدينة العريقة.. هاهو الازهري النبراس يعطر المدينة الجليلة بمواقفه التي سكنت في دفتر التاريخ يرفع العلم في قصر غردون بالخرطوم بحضور زعيم المعارضة المحجوب والجماهير تهتف له.. حررت الناس ياسماعيل.. ثم يعود بطل الاستقلال الي بقعته التليدة..
ودنوباوي الحي العريق معقل الانصار بامدرمان توجد مجالس الامام عبدالرحمن المهدي وانطلاقته في نشر بعث كيان حزب الامة والانصار على طريق جديد لايعرف الصدام والجهادية المتطرفة بل التعقل والحكمة.
الحزب الشيوعى السوداني من خلال زعيمه اللامع الراحل عبدالخالق محجوب يبث افكاره التقدمية من امدرمان.. حزب شيوعي يعبر عن التراث السوداني وقيمه دون ارتباط عضوي بموسكو.. يالها من خطوة جبارة شكلت بصمة متفردة للحزب العتيد.
ام درمان البوستة ومعهد القرش العريق ومدارس أخرى أنها معالم تربويه سوف تبقى نبراسا متفردا يبث نور الاستنارة والعلم في التاريخ.. الطابية الحصن الحصين الذي حمي ام درمان من العدوان وحرسها من كيد الكائدين.. من اراد العبور والدخول والانتماء فهنالك بوابة عبدالقيوم الحارس وجهة الاختصاص تقف اليوم شامخة تعاند هجمة الطبيعة وعاديات الزمن.
كم يستنشق المرء الي الغوص في عالم الحقيبة الزاهر فهو لا يحلو التنقيب من ملامحة ونكهته وتفرده الا في أجواء ام درمان.. هؤلاء العمالقة سيد عبدالعزيز وإبراهيم عوض واخوانهم الكثر.. أنا لي في المسالمة غزال.. وبدور القلعة وجوهرها.. ثم يأتي إعجاب خليل فرح القادم من أقصى الشمال يغازل المدينة العريقة قائلا “من علايل ابوروف للمزالق ومن فتيح الخور والمغالق”.
الحديث عن امدرمان التراث والتاريخ والرموز لاينضب فهي بالمفهوم الحياتي لها مذاق يتعالي عن التوصيف وبالمفهوم المعنوى فهي منجم عز وسؤود وبالمفهوم العاطفي قصة حب لاتموت.
في امدرمان جاء صوت هنا امدرمان يعلن مرحلة جديدة في أوضاع البلاد السياسية حين رحل المستعمر فكان هذا الصرح الاعلامي العريق “اذاعة امدرمان” يمثل الصيغة الجامعة التي التف حولها جميع السودانيين في أرياف البلاد المختلفة فكان راديو امدرمان رفيقا حنينا باسقا لايغادرهم حتى في الليالي الحالكة يرسل إليهم طعم الحياة ونكهة المشتاق والأخبار السياسية والاغاني الحلوة.. كل ماهو مفيد في تلك الأيام الساحرة.
ام درمان مدينة خليط من الاعراق والبوتقة الجامعة لكل قبائل وبيوتات السودانيين لاتعرف العنصرية والتفريق بين خلق الله.
انها ملحمة من الجمال والأناقة تعطر المرء باكسير التفاؤل والاقبال على الحياة.