عائشة الماجدي تكتب..(69 ) سنة والكاكي أخضر
يأتي العيد التاسع والستون لقواتنا المسلحة (69) وجيشنا الباسل يواجه أخطر تمرد وأسوأ حرب على مر التاريخ حرب إجتمعت فيها ثلاثية (الغدر والخيانة والمؤامرة) حرب إجتمع فيها أسوأ تحالف عبر التاريخ تحالف (مليشا ال دقلو ومرتزقتهم وقحت وسفهائها)…
69 عاماً وجيشنا رصف خلالها طريق الكبرياء وبني إهرامات الكرامة والصمود ووطِئ حافيًا علي أشواك وجمر المؤمرات وعبر أودية الموت التي عافها الناس وهجرها أشجع الشجعان لم ينكسر ولم يركع ولا وهن ولا هان 69عامًا وضباطنا وجنودنا يرتدوا لباس الموت وشرف الرِّجال وكفن الابطال (الكاكي الاخضر) يدافعوا عن الأرض والدين والعرض ويحموا البلاد طولًا وعرضًا
……
في العيد التاسع والستون نُعيد تجديد العهد والولاء في كل عام وفي كل لحظة نعلن ولاءنا لقواتنا المسلحة الباسلة. نشحذ أقلامنا بإستمرار لتساند أسلحتكم دفاعًا عن العرض والشرف والكرامة التي أنتم رجالاتها الفوارس الشجعان، الذين لم يتركوا يومًا ساحات الحرب مهما عظمت التضحيات. فأنتم الشرفاء وأنتم جنود العزة والمجد التليد، وأنتم شموخ السودان عبر الأزمنة الرديئة وعبر كل عام وأنتم لغتنا المطوقة بعقود الفُل وأنتم العائلة الكبرى التي إليها نُعلن الإنتماء، فبئس الموت الذي يهزمكم، وبئس الغيم الأسود إن حجب رؤاكم….
فلذلك هذا العيد يختلف عن أعياد الجيش السابقة كلها هذا العيد دعوني أبعث بدعوات رحمة ونور تغشي شهداء قواتنا المسلحة كلهم منهم ذلك الشهيد الأبنوسي عثمان الذي كان كما الطائر يرفع رأية علم السودان ينطق بكلمات أنا بحبكم يا سودانيين وفوق رأسه تهبهب رأيات الشهادة وهي يعرف أن النعوش ومراقيد اللحود تنتظره ولكنه يمضي عليها بكل ثبات يحمي أرض هنا وبيت هناك ويلتف حول مليشي ليحمي عرض أسرة من الإغتصاب وهناك شهيد أخر برتبة عقيد يتقدم الكتيبة بكل ثبات وهو يذهب الي الموت بخطي ثابتة وفاتح صدره ورأسه بغير خوذه تناوشه تلك المُسيرة وهو يوجه ويتقدم ويمسح وجه بذراع يده حتي إستلغي علي الأرض شهيدًا وهو يردد أمشوا قدام ما تشتغلوا بي ودي كانت أخر عبارات نطقها وهو يودع بنزيف دموم مستمر يغرق من حوله ولكن كان يريد الشهادة في سبيل الوطن ..
وهناك ضابط وجندي أخر يبتسم علي عربة قتالية ويرفع أصبعه السبابة يناصح زميل له يمتطي موتر شايل معاك (بلح ) ولا حتي (بصل ) نكرب بيهو البطن دي لما يمضغ تلك البلحة حتي أتته رصاصة من العدو وسقط شهيدًا وأخر ما دخل بطنه طول يوم كان قطعة بلحة أشتدت المعركة وحمي وطيسها وترك جسده علي أزقة بعض الشوارع الأمدرمانية وسقط مبسوط يباهي الدنيا في حماية بلده وبر قسمه …
هؤلاء الرجال الجياشة الغُبش في الجيش مأكلاهم ووجبتهم ( الكُوجا ) وطبيخهم ( أبو عديس ) وبعده كوب من ماء مغطاة بخيش أن وُجدت وإن لم توجد لشربوا بكفوفهم من أي (حفرة) ماء أمامهم كانت صالحة أم لم تصُلح يفترشوا الأرض ببقايا شولات الملح التي يعبأ فيها العدس تتقطع مرة من الحر وتلفحها رياح عاتية مرات بعدها يتحول فراشهم للأرض أحيانًا كثيرة تغدرهم مدونات عدو فتحيلهم كلهم الي رماد يأتي خبرهم بعد أيام وأسابيع أن هناك كتيبة من الجيش قد إستشهدت وتحولت الي رماد وبعضهم جثثهم تنهشها الكلاب ويورد خبرهم إلى إمهاتهم بعد شهور وليالي وتبارك الأم بعبارة جييد لي !!
هؤلاء الرجال تربط بينهم وشائج محبة وزمالة كليه حربية ومعاهد تدريب ونقاط ضوء كثيرة التقطوها في دورة تدريبية او بيادة في منطقة ما ..
كلما سقط منهم شهيد تبكيه الدفعة كلها بل يحلف من نفد من الموت منهم أن يأتي بتار زميله أو يلحقه الي دار الخلود تحسسهم مترابطين متحابين يجمعهم الكاكي الأخضر والسلاح ومحاسن تكفين شهيدهم يغامروا في الليل البهيم ببوت طويل يبعدهم المصائب وبصمت ينتظروا شروق شمس علها تأتي عليهم باليقين ..
هؤلاء الرجال لم يصلوا الي الُرتب والعلامات والأنواط علي كتفهم بالساهل كانوا كل علامة أو رتبة تتبعها دورات وحوامة وحربة وقتال بمناطق الشدة وبإنصهار أجسادهم بحر وسخانة الصحاري ومراقد الجبال والسموم لم يجدوا الرُتب في شوال ليعزل كل أحد ما يريد مثل ما يحدث عند المليشيا هؤلاء الجياشة دفعوا فيها فواتير دم وبتر أعضاء من أجسادهم بشظايا قذيفة طائرة أو رصاصة سكنت في جسمهم ولا يوجد مرتب أو سلطة مكافأة لهم بل مصير مجهول ما بين الشهادة والبقاء ،،
ورغم أنهم يحملوا أرواحهم في كفوفهم إلا أنهم يتبادلوا الضحكات وصور السليفي ويواسي أحدهم هنا ويطمئن أخيه هناك ويبتسموا بسمة محبة وفخر ينادي فينا الجندي ( دياب ) في أحد الإرتكازات يا شعب يا سوداني أثقوا في جيشكم وخليكم واثقين ويردفها ( دياب) بعبارة ضاحكة الشباب في الولايات عرسوا ياخ ونحن هنا خلونا في خط النار والله بنحرسها ليكم وفي نفس الوقت يبكي الجندي ( دياب ) بحرقة عندما علم بأن العدو يغتصب الحرائر إحساسه يحدثه أنه ولي أمرها وأن ما يحدث عار..
جيش بهذا العزم عصي علي عرمان وسلك وود الفكي تكسيره وتفكيك عقيدته لصالح مليشا الدعم السريع فليبحثوا هولاء السُمج عن أرض تجعلهم عبيد لِآل دقلو وأن يبحث ودالفكي لأحبابه الجنجويد عن ديمقراطية في بيوت المواطنين وعلي أجساد نساء وحرائر السودان وأن يوفر لهم دار لرعاية العيال الذين يأتوا سفاحًا بعد شهور ويضمن لهم علي كفالته المعيشة الممنوحة من خيرات الجنجويد وأن يتركوا شعب السودان الطاهر مع جيشه النبيل وجنودهم السُمر ……
..
قدس الله سر رحم القوات المسلحة التي ما زالت تنجب الرجال الخُلص الكرام وجعلها دار عز وطُهر تُخرج من تكون أُنوفهم تعانق السماء والثريا كبرياء ورجالة وسودانوية مباركة..
جميل ود وإعتزاز وتحايا نواضر أرسلها أنا لكل رجال الجيش وأخص بها شهداءها في كل بقاع السودان في معركة الكرامة ومعركة تحرير السودان من الخونة والمرتزقة ومنصورين بإذن الله…
جيش واحد وشعب واحد…
وخلاص ….