حوارات
وزير المالية د. جبريل إبراهيم : (١ ــ٢)أدعو رئيس مجلس السيادة إلى تشكيل حكومة مؤقتة…أحزاب في الداخل وقفت ضد (سلام جوبا) لأسباب عقدية وخوفاً على (غنيمة) السلطة
الاستثناءات الجمركية ليست (بدعة) وغير قاصرة على الحركات المسلحة
لا توجد أزمة اقتصادية متفاقمة والمعاناة في معاش الناس أمر طبيعي
هناك (نفور) في المجتمع الدولي من الإسهام في تنفيذ اتفاق جوبا
(….) لهذا السبب اُستثنيت الحركات
الشعب في حاجة للاعتماد على نفسه بشكل أكبر
التوافق الكلي من المستحيلات وهنالك قوى لا تريد الجلوس مع أطراف أخرى
هنالك وفرة في المواد وانخفاض في الأسعار
موازنة ٢٠٢٢م اعتمدنا فيها على مواردنا ولم نحصل على دولار واحد من الخارج
الانتباهة _ محمد جمال قندول
- جدل كثيف احاط برئيس حركة العدل والمساواة ووزير المالية د. جبريل ابراهيم خلال الآونة الاخيرة، والرجل برز كاحد اهم قيادات المرحلة الراهنة سياسياً واقتصادياً، الاولى لكونه من الموقعين على حركة سلام جوبا والثانية لتقلده حقيبة وزارة المالية في توقيت حرج وظرف سياسي واقتصادي معقد جعله تحت مرمى النيران التي يتعرض لها كانتقادات واخرى اتهامات راجت خلال الايام الماضية.
(الانتباهة) اجرت هذه المقابلة مع وزير المالية د. جبريل ووضعت على منضدته الكثير من الاتهامات الموجهة اليه، وطافت معه على قضايا الراهن السياسي والاقتصادي وملف سلام جوبا.. فالي تفاصيل الحلقة الاولى من الحوار: * دعنا نبدأ بالمشهد السياسي الحالي وما يعتريه من حالة انسداد في الأفق بين جل المكونات تبدو بارزة، فكيف تنظرون إلى الوضع برمته؟
ــ الوضع السياسي الراهن ليس الوضع الذي يتمناه الشعب السوداني ولا يرغب فيه اي سياسي سوداني. وهنالك قدر عال من السيولة التي ادت إلى الاخلال بمصالح المواطن وخدمته، والناس تمنوا ان تمضي الامور بصورة طيبة واسرع بعد قرارات الخامس والعشرين من اكتوبر، وتوقعوا ان تكون هنالك حكومة ولو مؤقتة تتولى تسيير شأن البلاد والتعامل مع المجتمع الدولي، وتتولى ادارة الحوار بين القوى السياسية المختلفة، وهذا الامر لم يحدث حتى الآن، ونحن في حاجة الى ان نسرع لتشكيل الحكومة. - ما هي دواعي تأخير تشكيل الحكومة؟
ــ من الواضح ان الناس يسعون إلى درجة عالية جداً من التوافق، وعادة التوافق الكلي من المستحيلات، وهنالك قوى مختلفة لا تريد الجلوس مع اطراف أخرى، وروح الاقصاء موجودة بين الاحزاب، وهذا يمنع ويحول دون حدوث توافق على المستوى المطلوب. - هل نتوقع تشكيل الحكومة قريباً؟
ــ انا دائماً انسان متفائل، ولكن العراقيل الصغيرة هنا وهنالك هي التي ادت إلى تأخير الحكومة وأخشى ان يستمر التأخير، وانا في هذه الحالة ادعو رئيس مجلس السيادة إلى تكوين حكومة مؤقتة تتولى شأن البلاد وادارة مصالح المواطنين وخدمتهم، الى ان يصل الناس لتوافق ويشكلون الحكومة التي يرونها. - كيف تقيم تنفيذ بنود اتفاق السلام حتى الآن؟
ــ تأخر تنفيذ اتفاق السلام الموقع بجوبا لاسباب عدة، اهمها عدم الاستقرار السياسي نفسه حتى تستطيع ان تنفذ اتفاق سلام بحجم الاتفاق الذي ابرم في عاصمة جنوب السودان جوبا، وتحتاج إلى دولة مستقلة واموال طائلة وتوافق سياسي عام، ولكن الذين وقعوا على اتفاق السلام جاءوا ووجدوا بيئة غير مواتية للاتفاق وصراعاً كبيراً بين الاخوة بالحرية والتغيير المجلس المركزي مع المكون العسكري، وهو ما أدى إلى تعطيل تكوين الآليات لتنفيذ الاتفاق، وايضاً ادى إلى نفور المجتمع الدولي من الاقدام والمساهمة في تنفيذ الاتفاق. - على ذكر المجتمع الدولي هل اوفى بالدعم المقرر عليه عبر الدول المانحة؟
ــ لم يف بشيء على الاطلاق في هذا الاتفاق، والمجتمع الدولي يريد ان يتعامل عبر حكومة هو راض عنها، وهذه الحكومة لم يجدوها، رغم انه في الفترة التي كان يقود فيها عبد الله حمدوك حكومة في ظاهرها مقبولة للغرب، الا انهم يقدموا شيئاً للسلام طوال تلك الفترة. - الازمات المعيشية للمواطن متفاقمة بوتيرة سريعة.. هل وضعت وزارة المالية برنامجاً اسعافياً لمعالجة القضايا التي تؤرق المواطنين، ام ان تقديم اي برنامج مرتبط بتشكيل الحكومة؟
ــ اطمئنك الى ان الازمات غير متفاقمة.. صحيح هنالك معاناة في معاش الناس وهذا امر طبيعي، ولكن مؤشرات التضخم في انخفاض مستمر، وهنالك درجة عالية جداً من الاستقرار في سعر الصرف، والآن الناس يتحدثون عن انخفاض في اسعار الوقود حسب الاسعار العالمية، وهكذا الامور متجهة، ويتحدثون كذلك عن انخفاض في اسعار السماد، وبعد ان كان جواله بـ (50) الف جنيه سوداني الآن يباع بـ (25) الف جنيه، وحقيقة هنالك وفرة في المواد وتنافس شريف وانخفاض في الاسعار للمدخلات الاساسية للانتاج والسلع الاستهلاكية. ولذا لا ارى اي تفاقم للامور، وحقيقة الامر ان الوضع اساساً كان هشاً والمعالجات التي تمت لم تؤت اوكلها بالشكل المطلوب والمتوقع، وان شاء الله نصل لانفراجة ارجو ان تكون قريباً. - بين الحين والآخر ترشح انباء عن استئناف الدعم الدولي المتوقف منذ اجراءات الخامس والعشرين من اكتوبر الماضي.. ما مدى صحتها وهل تلقيتم اشعاراً بالاستئناف في وزارة المالية ام ان عودته رهينة بتشكيل حكومة مدنية؟
ــ المؤسسات المالية الدولية ووراءها الدول الكبرى كلهم يتحدثون بانهم على استعداد لتقديم الدعم اللازم حال تشكلت حكومة يرضون عنها بقيادة مدنية، وننتظر لنرى، ولكن انا ارى ان النقطة المهمة ان الشعب بحاجة للاعتماد على نفسه بشكل اكبر، ونحن في موازنة 2022م اعتمدنا على مواردنا الذاتية ولم نحصل على دولار واحد من الخارج، والحمد لله الآن نسير الدولة، وصحيح ان التنمية تأخرت وتمويل السلع والخدمات قل، ولكن نحن في النهاية دولة تسير بامكاناتها، واعتقد اننا بحاجة لمزيد من الجهد لنتجه نحو الانتاج وتحقيق مزيد من الايرادات بطريقة منظمة، حتى تعتمد الدولة في تنميتها على مواردها الذاتية دون ان تنقطع العلاقة بالعالم الخارجي. - د. جبريل ظل في واجهة المشهد خلال الايام الماضية بتعرضك لانتقادات واتهامات.. هل ذلك لحساسية المنصب ام جدلية التوقيت السياسي؟
ــ الاثنان معاً، وطبيعي جداً في حالة الصراع السياسي المحتدم ان بعض الرموز تكون مستهدفة فقط، وفي الصراع السياسي يجب ان يلجأ الناس لوسائل شريفة في الانتقاد، ولكن اللجوء الى وسائل غير مشروعة مثل الوسائل التي لجأوا لها ضد مني اركو مناوي غير لائقة بقيم واعراف مجتمعنا وتاريخنا السياسي، وعموماً يجب الا يكون الانتقاد مبنياً على اكاذيب وتلفيق وقصص ومعلومات لا اساس لها. - ما مدى صحة الانباء المتواترة بأن هناك استثناءً قدمته لابن شقيقك الراحل د. خليل ابراهيم، وكذلك الاستثناءات التي قدمت للحركات؟
ــ نعم صحيحة. والاستثناء ليس قاصراً على الحركات المسلحة، وهذه تقديرات متروكة للسلطة التي تستثني لجهات كثيرة جداً، فالقساوسة يستثنون، وكل الموارد القادمة للشؤون الدينية مستثناءة، وكذلك العون الانساني ووزارة الخارجية، وكل الذين وقعوا على اتفاقيات سلام في الماضي حصلوا على استثناءات لادخال مقتنيات سواء كانت سيارات او غيرها، وليس الامر بدعة، ونحن في حقيقة الامر في جوبا اثناء مفاوضات السلام وصلنا إلى تفاهمات لم تنص في الاتفاق عشان برضو الناس ما بتقرأ الاتفاق ويأتون للهجوم عليه دون الاطلاع عليه. وكان هنالك تفاهم عام بوجود تسهيل لعودة الناس من الخارج بمقتنياتهم لتوفيق اوضاعهم، ومن ضمنها اعفاءات السيارات، وحينما شكلت لجنة من وزارة المالية وهيئة الجمارك، وجاءت بتوصية باعفاء عدد كبير من السيارات، ونحن رفضنا هذا العرض ووجدناه غير لائق بظروف السودان الحالية، ولكن سمحنا لكل رئيس حركة او مسؤول بحركة والموقعين على اتفاق السلام بالتقدم بطلب لاعفاء عربة واحدة وهذا تم لمعظم الحركات، وبالنسبة لحركة العدل والمساواة رأت ان اولى الناس بالاعفاء الشهيد جبريل ابراهيم واسرته، وتنازلنا كحركة عن حقنا لاسرة الشهيد، ولا نجد في هذا حرجاً او استغلالاً للنفوذ ولا اي شكل من اشكال الفساد. - خلال الآونة الاخيرة كثر الهجوم على الموقعين على السلام ومن ضمنهم انت.. هل هنالك حملة تجاه الاتفاقية ام الشخوص؟
ــ السلام مستهدف قبل ان يتم توقعيه، ونحن اخذنا اكثر من عام في جوبا لوجود كم كبير من القوى السياسية بالداخل كانوا ضد الاتفاق، وعملوا بقوة كبيرة بعضهم لانهم لم يجدوا ان الذين وقعوا على اتفاق السلام يتفقون معهم ايديولوجياً، وكانوا يعتقدون ان الاولى بالاتفاق عبد الواحد والحلو لانهما يتفقان معهم في رؤيتهم السياسية، وعندما لم يجدوهم ذلك اعترضوا على اتفاق السلام بغض النظر عن مضمون الاتفاق، والبعض الآخر كانوا يعتقدون انهم وجدوا غنيمة بالسلطة بعد الثورة، واتفاق السلام سيأتي بشركاء، وكانوا ايضاً ضد السلام، ثم صار الاتفاق امراً واقعاً، واعتقد ــ حتى نكون صادقين ــ ان المكون العسكري كان حريصاً على اتفاق السلام ووقفوا معه ومضى الامر الى نهاياته وتم التوقيع. ومقاومة السلام ستستمر. وهنالك بعض الناس يستغلون الاتفاقية للترويج لمآرب أخرى مثل لغة الكراهية وتفتيت المجتمع، ولكن النقطة المهمة ان البلاد بحاجة إلى سلام، ولا عودة للحرب، بل ندعو الذين لم ينضموا إلى اتفاق السلام للالتحاق بالركب.