بابكر يحي يكتب..دين الدولة ودين الفرد ، محاولات لفهم العلاقة (١)

هل للدولة دين ؟ وهل الدين هو صلاة وصوم وزكاة وحج وفرائض وعبادات أم أن الدين أوسع من ذلك وأكبر ؟ وهل كان الدين سببا في الخلافات والتفرقة بين الناس ؟ أم كان سببا في الوحدة والتعايش بينهم ؟ وكيف كانت حياة الناس قبل أن تنظم الأديان معاملاتهم ؟ وما الفرق بين دين الدولة ودين الفرد ؟! وهل بالضرورة أن يكون الشخص الذي يمثل الدولة متدينا في نفسه أم انه يمكن أن يكون شخصا عاديا لطالما أنه يؤدي ما عليه من واجب بكفاءة؟! ولماذا يترك الناس الجانب الإيجابي ويركزون دوما على الجانب السلبي – مثلا إذا كان المسؤول نموذجا في التدين والالتزام والقيم والأخلاق لم يذكروا ذلك ولم يهتدوا به كنموذج – وإذا أخطأ في نفسه ضجت به أوساطهم ؟ لماذا يفرضون على المسؤولين أن يكونوا مثل الملائكة وهم في الأصل بشر عاديين يمكن أن يخطؤوا ويصيبوا كما الإنسان العادي ؟!
لماذا يركّز الناس على تدين أفراد الدولة والتزامهم الخاص وهو في الأصل لا يعنيهم بشيء – فإذا صلى أحدهم الليل كله وصام الدهر ، وحج كل عام وزكى وتصدق فإن ذلك يعنيه شخصيا ويخدم علاقته مع الله ولا ينفع الدولة وأفرادها في شيء ؛ فلا يستفيد الناس من الالتزام الشخصي وتعبد المسئولين بقدرما يستفيدوا من أدائهم لأعمالهم ومنهجهم العام في التعاملات وطريقة إدارتهم للشأن العام وأدائهم لمهامهم على الوجه الأكمل وهو المطلوب !!
بشكل عام الدين ليس هو العبادات كما يعتقد كثير من الناس – وهناك عبارات تضليلية يرددها بعض الناس ويحاولون عبرها النيل من الدين وحصره داخل المسجد كقولهم (الدولة لا تدخل الجامع ) و (وصفهم للدعاة بأنهم تحار دين ) فهذه عبارات خصوم علمانيين سوقوها للعوام ، وتلقفها بعضهم بكل غباء وعجلة ، ونلاحظ أن بعض الناس قبلوها منهم تهربا من أوامر الدين خاصة المتعلقة بالجوانب الشخصية والمتعلقة بالحدود والشرائع والمقيدة لشهوات الأفراد ودور الدولة في ذلك .. وعلى سبيل المثال الدولة لا تعاقب الشخص الذي لا يصلي إلا إذا أنكر الصلاة ، الدولة لا تعاقب شخص ثري إذا لم يحج – إلا إذا أنكر وجوب الصلاة والحج فتعاقبه حينها بتهمة الردة ؛ الدولة تعاقب شارب الخمر وتمنعه من ذلك وتحول بينه وبين الحصول عليها ، الدولة تمنع بيع الخمور وتصديق أماكنها جهرا فهي تمنع ذلك وهذا مظهر من مظاهر دين الدولة .. نواصل ..