جامعة أمريكية تثبت تورط الإمارات في حرب السودان
دراسات معمقة لجامعة ييل توثق لانتهاكات المليشيا في الفاشر وتثبت وصول الأسلحة للمليشيا من الإمارات

النيل الإلكترونية_وكالات
ظل مُختبر البُحوث الإنسانية بجامعة ييل الأمريكية لأسباب إنسانية في ظاهرها يجري دراسات معمقة حول الوضع الإنساني في دارفور خاصة و السودان عامة و بكثافة شديدة اذ لا يخلو شهر من الشهور ومنذ قبل اندلاع الحرب في السودان من دراسة عن الوضع الانساني والانتهاكات التي ترتكبها المليشيا ، بل حتى انواع الاسلحة المستخدمة والمجلوبة عبر دول تمتطي ظهر المليشيا لتقوم عنها بحرب بالوكالة.
والمركز التابع للجامعة المرموقة -جامعة ييل والتي قد تفوق ميزانياتها وتبرعاتها جميع مبيزانيات جامعاتنا السودانية بملايين من الدولارات – هو مركز و مختبر غير ربحي اذ يجري الدراسات و يتيحها للشركات و للادارات الحكومية الامريكية تفعل بها ما تشاء هوناً ولو كان ذلك كذلك فلا يعقل ان تجد جهة امنية او استخبارية او سياسية او استراتيجية او علمية من يوفر لها هذا الكم الدقيق من المعلومات ولا تستفيد منه .
ومصداقية المختبر تأتي من تطبيقه الأسس البحثية العلمية القحة بحيث لا يهتم اذا صادمت هذه الدراسات ومحتوى ما تصل اليه مواقف هي من صميم الثوابت الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية. مثال ذلك ان المختبر اجرى دراسة معمقة حول الصواريخ والمسيرات والمدافع التي استخدمتها المليشيا في ضرب الفاشر وما حولها في شمال دارفور من معسكرات النازحين في زمزم، واثبت المختبر ان هذه الاسلحة تأتي من مصدر محدد وان من اشتراها من المصدر هي دولة خليجية عبر دولة اوربية وثبتت التهمة على الامارات العربية المتحدة ولم يعبأ المختبر بان هذه الدولة هي حليف سياسي وأمني إستراتيجي للولايات المتحدة الامريكية ولاسرائيل .
ولذلك ايضا لايكون من الشطط التاويل بان الختبر وجامعة ييل يعدان من اهم المراكز التي تتيح للاجهزة الامريكية الامنية معلومات ذات مصداقية متثبتة حول الوضع في دارفور والسودان عامة بما فيها فضح الجرائم التي ارتكبتها المليشيا في كثير من مناطق وسط السودان في الجزيرة مثال ذلك الدراسة التحققية التي اجرتها حول مذبحة ود النورة وكيف درست التربة والسطوح والمقابر والمنازل والغطاء الشجري ثم ما لبثت ان درست الفيديوهات المبثوثة في الفضاء السوداني ثم قارنت بين الوجوه والسمات سمتا سمتا حتي توصلت لاسماء وصفات القادة الجنجويديين والحقتهم بذمرة الجنيوسايد مثل قادة رواندا من مرتكبي الابادة .
والملاحظ تقارب بين التقارير التي يصدرها المختبر وبين الادانات او بين التقارير التي يصدرها المختبر بين الفينة والأخرى وبين المواقف التي تتخذها الخارجية الامريكية وبين ملخصات ما تصل إليه دراسة المختبر وبين ملخص ما تستند عليه الجهات الامريكية وبين الدراسات والتحليلات التي يقوم بها الخبراء الامريكيون حول الوضع في السودان ولذلك ترى المركز من اوائل الجهات التي تصدر بيانات تؤيد فيها الاجراءات التي تتخذها الخارجية والخزانة الامريكية من أمر العقوبات على المنتهكين.
لكن من الخطل القول ان المركز والمختبر و الجامعة تبذل كل هذه الموارد و الجهود فقط لاجل اصدار دراسات حول الوضع في زمزم او الوضع الانساني الغذائي في دارفور ونحن نعرف العلاقة الوطيدة بين برنامج المعونة الامريكية والخارجية الامريكية اذ هو احد اذرعها الدبلوماسية ومن دون شك احد اذرع المخابرات الامريكية. لذلك فالعلاقة وطيدة دون شك بين هذه الاجسام العلمية والاجسام الاستخباراتية والدبلوماسية ليس في امريكا بل في الغرب جميعا او هكذا ينبغي ان يكون الحال في كل دولة .
ويتوقع المرء بانه تبعا لذلك وبما للمركز من سياسة منفتحة في استقطاب الباحثين من كل الدول والسودان ليس استثناء ونظرة واحدة للاعضاء هيئة التدريس والدارسين قد تعطي الانسان فكرة ممتازة عما يقوم به المختبر وما تقوم به الادارات المختلفة .
و فوق ذلك فإن هذه الأجسام لا تعيش جذرا معزولة بل هي مترابطة اشد الترابط واقوى الصلات وتنسق فيما بينها تنسيقا محكما والذي لا شك فيه ان ما نراه هو رأس جبل الجليد و من ثم فالمتوقع ان الإدارات المختلفة تقوم بدراسات دقيقة للصخور والمعادن والتربة وللإشعاعات والتركيبات الصخرية والمعدنية المختلفة لطبقات الارض كدراسة أساسية وان الدراسات الإنسانية ما هي الا منتوج جانبي لما تقوم به .
والمنطق السليم يقول لايمكن ان تكون حقول النفط وحقول إنتاج اليورانيوم في النيجر وتشاد وافريقيا الوسطي و جنوب السودان وامتداداتها تحتوي ثروات ضخمة بدا الفرنسيون و البلجيكيون والالمان وغيرهم في استغلالها الا ان هذه الحقول- بقدرة قادر و خلافا للمنطق الطبيعي والاشياء- تجف و تنضب فجاة عند الحدود السودانية في دارفور ذلك ان كل من زار او درس التركيبات السكانية والصخرية والمعدنية لا يستطيع ان يقول هنا تقف الحدود بين السودان وتشاد الا من قبل اعمدة هينة وصبات خرصانية متعمدة وضعها راسمو الحدود من عهد الاستعمار و ابقت عليها الدول و افرتها المنظمات القارية و الدولية .
لكن الامر الطبيعي انها مستمرة ومتصلة فاذا وجد اليورانيوم في تشاد بكميات يسيل لها اللعاب فهو قطعا في السودان و في دارفور بكميات تسيل لها الدماء و يكفيك مثالا الذهب الموجود في دارفور و قد كان الناس الى قريب يسمعون “شنقلي طوباي تاقي دهباية” و يعتبرونه من قبيل الامثال المقفاة حتى جاء جبل عامر و اثبت ان مع القول فعل!!
لذلك ومن هذا المنظور يدرك المرء ان الدراسات التي يقوم بها المركز وان كانت في جانب منها ذات طبيعة إنسانية فهي في ما تحت البشرة أعمق، وتخدم مصالح اخرى وربما أصبح المختبر بعد اليوم ذو أهمية قصوي والرئيس الامريكي الجديد سياسة ومقاربة للأمور يقول ان بلاده ستعتمد المعادن و الموارد امرا اساسيا في سياساتها وعلاقاتها الخارجية مع الدول ويكفي أنه سيضغط على أوكرانيا لقبول السلام مع الإتحاد الروسي كسبا لما لديها من موارد ضخمة تحتاج اليها الولايات المتحدة الامريكية، فهل يفعل ذات الأمر في السودان هذا أمر و ارد.
متابعة مثل هذا المختبر لايفيد فقط في معرفة ما يدور في دارفور آنيا فقط بل ربما يساعد في فهم توجهات السياسات الاستراتيجية الامريكية في السودان غربه خاصة و مساحته كلها عامة .