اعمدة رأي

د. الباقر عبد القيوم يكتب..رحم الله شاعر الجيش الذي خلدته كلماته في وجدان الوطن

البربطنا بيهو الجيش
لا  منصب ولا  مرتب
لا  مأكل و لا  مشرب
عشق  جوانا  يترتب

كلمات مزلزلة ما زالت ترن في آذاننا وكأننا نسمعها الآن ، فما أشد ارتباطنا بالأخ محمد علي ، الذي تجتمع عنده القوة و اللين ، فهو شاعر الجيش الذي كان يمثل أقوى أعمدة التوجيه المعنوي بقوات الشعب المسلحة ، و كانت كلماته عبارة نسيج من الأروح الوطنية النبيلة ، تلك التي كانت تتنفسها أفئدة المقاتلين في الجبهات ، فكانت أشعاره جزءاً أصيلاً من نضال وطني قديم متجدد ، و قد كان هدفه الأول و الأخير هو رفع الروح المعنوية ، ليس للجيش فحسب ، و انما لكامل الشعب ، و توجيه الأنظار إلى ما هو أبعد من النظرة التلقائية التي تتخطى حاجز الصعوبات اليومية إلى حب الوطن الذي تتعمق جذوره في نفوس الشعب .

محمد علي هو أحد أبرز شعراء الجيش الذين لا يشق لهم غبار ، و لكن كان للقدر كلمة و موقف ، فلقد توفي إثر حادث سير أليم ، فخرج من زخم هذه الحياة بدون أن يستأذن من كل الذين عشقوا الجيش من خلال تأثير كلماته السحرية عليهم ، إذ يعتبر هذا الرجل رمز من رموز الأدب العسكري و الشجاعة و الوطنية و القوة التي لا تقهر ، إذ أضاءت بكلماته جنبات المجامع العسكرية ، التي ملأت قلوب الجنود بحب هذا الوطن والفداء في سبيله ، فكانت قصائده شبيهة بنغمات الرعد التي تحمل معها عزيمة القتال والصمود في وجه الأعداء و كل التحديات ، و لا شك أن موهبته الأدبية كانت حاضرة في جميع محافل الجيش ، و شعره محفوظ لدى معظم أفراد الشعب السوداني ، حيث جسدت كلماته روح الرجولة ، و الفحولة ، و حب القتال و الإصرار على النصر ، فكان رجلاً متيماً بحب الوطن و أهله .

لقد إستطاع الشهيد محمد علي من خلال شعره أن ينقل للناس في وصف بديع تفاصيل الحياة العسكرية بكل ما فيها من شجاعة ، و تضحية ، و أمل في الانتصار على العدو  ، و قد كانت قصائده تخاطب الروح ، و تلهب الحماسة في كل من يستمع له ، و أشعاره الطنانة كانت تعلي من شأن الانتماء للوطن ، فكان يجسد في أشعاره ملاحم و بطولات الجنود في ساحات المعارك ، و يخلد ذكرهم بأجمل الألفاظ ، كما كان يسهم بقوة في تحفيز الجنود و تعزيز معنوياتهم ، فله قدرة ساحرة في إظهار قيمة كل قطرة عرق ، أو دم تبذل في الميدان .

لقد كان يمثل القوة و الصمود في كلماته ، و لكن الآجال لم تمهلنا معه قليلا ً ، فجاء خبر نعيه علينا كالصاعقة ، و بطريقة مفاجئة ومؤلمة إثر حادث سير ، لقد كانت وفاته بمثابة صدمة للأمة التي كانت تتطلع دوماً إلى سماع كلماته التي لا تخلو من الحكمة ، والإلهام ، و القوة ، و لكن كل ما ترك لنا من شعر  سيظل خالداً  في ذاكرة الوطن .

محمد علي كان يمثل صوتاً قوياً لمعاني الإرادة والعزيمة التي لا تنكسر ، أو تنهزم ، و سيظل ما تركه لنا من مخزون ادبي و شعري ، رصيد باق في ذاكرة الزمن نفتخر به ، و سيكون زينة لصفحات التاريخ العسكري و الثقافي للوطن .

رحم الله أخي العزيز الذي أحببته في الله و لله ، الشاعر الفذ ، الشهيد الحي محمد علي ، و أسكنه فسيح جناته ، وجعل الفردوس الأعلى منزلاً له ، و نسأل الله أن يلهم أهله و جميع من يعرف فضله الصبر الجميل و حسن العزاء في مصابهم الجلل ، و إنا لله و إنا إليه راجعون و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم  .

النيل الإلكترونية

يزدحم الفضاء الالكتروني بالأخبار، وناقليها؛ بجدّها وجديدها.. فما الجديد إذن؟! هي (صحيفة النيل الإلكترونية) وكالة إخبارية مساحتها للكلمة الصادقة، ولا غيرها..

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى