اخبار

عثمان البلولة..السلوك الفردي لا يمثل الجميع (2-2)

تحقيق مبدأ الجوار الآمن هو غاية سامية تتطلب الصبر، الحكمة، والقوة في التعامل مع التحديات. في هذا السياق، بذلت الأجهزة الأمنية في جنوب السودان جهودًا مقدرة لاحتواء الأزمة الأخيرة، حيث نجحت في تأمين معظم الرعايا الشماليين من خلال تجميعهم في مكان واحد لتوفير الحماية اللازمة لهم، ومنع تعرضهم لأي اعتداءات من قبل المجموعات المتفلتة التي ارتكبت أعمال سرقة وتخريب استهدفت ممتلكاتهم.

وجدت هذه الأحداث صدى إيجابيًا، حيث أولت رئاسة دولة جنوب السودان، بقيادة الرئيس سلفاكير ميارديت، اهتمامًا مباشرًا بمعالجتها، مما عكس موقفًا رسميًا واضحًا برفض مثل هذه التصرفات غير المسؤولة. وقد كان لهذا الاهتمام أثر طيب في نفوس الشعب السوداني، الذي استشعر جدية السلطات الجنوبية في الحفاظ على العلاقات الأخوية بين البلدين.

إن الروابط التي تجمع بين شعبي السودان وجنوب السودان هي روابط تاريخية متجذرة، لا يمكن للسياسة أن تقطعها أو تؤثر فيها بشكل دائم. فعلى الرغم من الانفصال السياسي الذي أدى إلى قيام دولتين مستقلتين، إلا أن الأواصر الاجتماعية والإنسانية ظلت متينة ومستمرة. ومع أن الوجود الشمالي في جنوب السودان قبل اندلاع الحرب كان محدودًا نسبيًا، إلا أنه شهد ازديادًا ملحوظًا بعد الحرب نتيجة الانتهاكات التي طالت القرى والمدن الآمنة من قبل مليشيا الدعم السريع، ما دفع كثيرين للبحث عن الأمان والاستقرار في الجنوب.

في الوقت نفسه، يدرك الجميع، بما في ذلك حكومة جوبا، أن هناك بعض الأفراد من جنوب السودان يقيمون في السودان ويُتهم بعضهم بالمشاركة في أعمال العنف والانتهاكات بالتعاون مع مليشيا الدعم السريع. ومع ذلك، لم يُسجل أي موقف رسمي أو شعبي من جنوب السودان يحمل السودانيين مسؤولية هذه الأفعال، إدراكًا بأن السلوك الفردي لا يمثل المجتمع بأسره.

نحن بدورنا نؤكد إيماننا العميق بمبدأ حسن الجوار، خاصة مع أشقائنا في جنوب السودان. وفي الوقت ذاته، نرفض بشكل قاطع التعدي على المواطنين الشماليين المقيمين في الجنوب، تمامًا كما نلتزم بحماية رعايا جنوب السودان المقيمين في السودان.

إن التحديات التي تواجه البلدين اليوم تتطلب التكاتف والعمل المشترك للتصدي للأزمات العابرة التي تستهدف زعزعة أمنهما واستقرارهما. فلا سبيل أمام شعبي السودان وجنوب السودان سوى التعاون والتضامن للحفاظ على الروابط التاريخية وحماية المصالح المشتركة.

النيل الإلكترونية

يزدحم الفضاء الالكتروني بالأخبار، وناقليها؛ بجدّها وجديدها.. فما الجديد إذن؟! هي (صحيفة النيل الإلكترونية) وكالة إخبارية مساحتها للكلمة الصادقة، ولا غيرها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى