اعمدة رأي

نون مزمل ابو القاسم تكتب..مقاومة السودانيين

تختلف تغطية وسائل الإعلام الغربية للحرب في السودان بشكل كبير عن التغطية الإعلامية السودانية. يُصور النزاع على أنه “صراع على السلطة”، مما يغفل تحديد المعتدين الرئيسيين والعوامل الخارجية التي تسهم في استمرار الحرب. القوى الدولية تواصل التأثير والتدخل في سيادة السودان، في حين أنها تتطلع إلى موارده الطبيعية. لقد ساهمت الولايات المتحدة والإمارات وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، وغيرهم، في معاناة الشعب السوداني إما من خلال تمويل الجماعات المسلحة مباشرة أو غير مباشرة، أو من خلال تجاهل الجرائم التي ترتكبها هذه الميليشيات، سواء قبل الحرب أو خلالها. في الوقت نفسه، نرى هذه الأطراف نفسها تعبر عن “قلقها” حيال الوضع الإنساني في السودان ببيانات متكررة من ممثلين مثل توم بيرييلو، التي لا تؤدي سوى إلى تعزيز رواية “صراع السلطة” التي يرفضها السودانيون بشدة، كما لو أن لديهم نافذة ضيقة لا ترى سوى جانب واحد من الحرب. وهذا المنظور الضيق يكون (غالباً) مقصوداً.

الجميع يريد أن تنتهي معاناة السودانيين، وبينما من المهم تسليط الضوء على الكارثة الإنسانية في السودان، فإن عدم التعرف على الظروف السياسية والديناميات الداخلية والخارجية التي تُفاقم هذه الكارثة يعتبر غير مثمر. يجب على الناس الآن أن يوجهوا أصابع الاتهام ويبرزوا الفشل المتعمد لوسائل الإعلام الغربية في تقديم صورة دقيقة للوضع في السودان.

من بين الجوانب التي يتم تجاهلها في الحرب السودانية هي الأصوات والمشاركة النشطة للمدنيين السودانيين. فقد انضم آلاف الرجال والنساء من جميع المناطق والأعمار إلى الجيش الوطني، وهدفهم الأساسي هو تحرير بلادهم من قوات الدعم السريع. أطلق على هذه الحركة اسم المقاومة السودانية، لأنها حركة وطنية ضد الغزاة الذين روعوا المدنيين الأبرياء بشكل منهجي ومستمر منذ بدء حربهم على الشعب السوداني. أعضاء المقاومة السودانية يدركون أهمية هذه المرحلة التاريخية للسودان، إلى درجة أن من كانوا سابقاً يتظاهرون ضد الجيش السوداني في الثورة، يدعمونه الآن بنشاط. هؤلاء الجنود الشجعان يدركون ما هو على المحك وما قد يحدث للسودان إذا وقع في أيدي قوات الدعم السريع القاسية.

كما قد يتوقع المرء، فإن هذه الحقائق لا تصل إلى الأخبار الغربية لأنها تتناقض مع الإطار الذي وضعته الغرب، مما يسمح لها بالبقاء محايدة وبدعوة “الأطراف المتحاربة” لوقف القتال، كما لو كانت الحرب مجرد شجار بين طالبين في المدرسة. كما رأينا، فإن عدم تحرك الدول الغربية هو أمر متوقع، لأنه إذا لم يكن للمواطن السوداني العادي أي دور في الحرب، فإن مسؤولية إيقافها تقع على الأطراف المتحاربة. هذا النوع من التأطير يسمح لقوات الدعم السريع بالتصرف بلا حساب، وتعزيز وضعها السياسي مقابل الجيش السوداني، الذي يمتلك تاريخاً ومصداقية أكبر بكثير. لذلك، يصبح من الضروري تسليط الضوء على واقع المدنيين السودانيين الذين عانوا من خسائر هائلة، وإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن المقاومة السودانية قوية وستهزم الميليشيا الإرهابية سواء بمساعدتهم أو بدونها.

النيل الإلكترونية

يزدحم الفضاء الالكتروني بالأخبار، وناقليها؛ بجدّها وجديدها.. فما الجديد إذن؟! هي (صحيفة النيل الإلكترونية) وكالة إخبارية مساحتها للكلمة الصادقة، ولا غيرها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى